فلسطين أون لاين

يتطلعون إلى التغلب على تحديات الحصار الطويل

"لغة برايل" تُسعف ذوي صعوبات بصرية في غزة

...
Untitled-1.jpg
غزة- هدى الدلو:

"أكن التقدير للويس برايل، مخترع اللغة الخاصة بالمكفوفين فقد جعلنا كأصحاب لهذه الإعاقة البصرية في مكانة اجتماعية وأكاديمية مميزة، وارتقى بعقولنا"، هذا ما وجهته الشابة علا مدوخ (28) عامًا لمخترع تلك اللغة في يومها العالمي الذي وافق الرابع من يناير/ كانون الثاني.

مدوخ التي تعاني إعاقة بصرية جزئية، اكتشفتها بعدما طلبت منها معلمتها في الصف الرابع قراءة الدرس عن السبورة، فلم تتمكن من ذلك، فصدمت لكونها من الطالبات النشيطات والمشاركات في الصف، واستدعت ولي أمرها وطلبت منه عرضها على الطبيب.

صدم والداها عندما أخبرهما الأطباء بأنه يوجد نقاط على شبكية العين لأسباب وراثية، أو لسبب بيئي مكتسب في أثناء الولادة، ولا أمل بالشفاء، لم تكن مدركة لحجم المشكلة، وقالت: "لم أكن أعلم أني أختلف عن الآخرين، وكنت أمارس طفولتي بشكل عادي، وسألني الطبيب وقتها كيف تتمكنين من عبور الشارع، أجبته بكل ثقة: أستمع لصوت السيارات وحينها أتمكن من تقدير المسافة بيني وبين السيارة ثم أعبر".

ومن بعدها أصبحت مدوخ تكره مرافقة والديها في المشاوير خوفًا من الذهاب إلى الأطباء مجددًا خاصة أنها لم تكن تجدي نفعًا، إلى جانب حديثهم القاسي، مضيفة: "ولكن معاملة والدي هونت الأمر عليَّ، فلم يفرقا في معاملتي سوى في الدراسة، فكانت أمي توكل لي المسؤوليات والمهام".

ومع إقبالها على مرحلة الثانوية العامة تعلمت لغة برايل لما تتطلبه هذه المرحلة من زيادة لعدد الساعات، خاصة أنها أصبحت تعاني آلامًا في الظهر ووجع في الرأس والعينين، وتمكنت من تحصيل معدل 91%.

وتوضح مدوخ أهمية هذه اللغة لتلك الشريحة لكونها وسيلة لاكتساب المعرفة الأكاديمية والثقافية.

واقع صعب

في السياق يقول رئيس رابطة الخريجين المعاقين بصريًّا نادر بشير: إن واقع المكفوفين أصبح أفضل من السابق بكثير، ففي الماضي لم تكن تتوافر مدارس خاصة بهذه الفئة من ذوي الإعاقة، ولا أدوات تساعدهم على مواصلة التعليم، والتواصل مع المحيط الخارجي.

وفي حديث مع صحيفة "فلسطين" يضيف بشير: "الواقع اليوم أفضل بعض الشيء حتى فيما يتعلق بنظرة المجتمع لذوي الإعاقة البصرية تغيرت فباتت أكثر إيجابية، لكن بشيء من التفصيل نجد أن واقع المكفوفين في فلسطين لا يزال واقعًا صعبًا بالقياس مع الدول المتقدمة التي خطت خطوات أمامية وكبيرة في توفير احتياجات المكفوفين وتطبيق القانون المتعلق باحتياجاتهم".

ويطالب بشير بتطبيق القانون الفلسطيني الخاص بذوي الإعاقة، وتطوير بما يناسب الواقع المعاصر وتقدم العالم.

ويشير إلى أن هناك الكثير من احتياجات ذوي الإعاقة البصرية وخاصة الأدوات المساعدة الضرورية غير متوافرة، قائلًا في الوقت نفسه: إن تشغيلهم لا يتم إلا بنسب متدنية.

ويبين أن الحصار المفروض على قطاع غزة منذ 13 سنة يُصعّب واقع المكفوفين فيه، لما ينجم عن ذلك من شح للموارد التي تصل إلى القطاع ما ينعكس سلبًا على هذه الفئة لتصبح معاناتهم معقدة ومركبة.

وينبه إلى أن الواقع يحتاج إلى تضافر الجهود على المستوى الرسمي، ومؤسسات المجتمع المدني، وكذلك على المستوى الشعبي، للنهوض بالواقع والارتقاء باحتياجات هذه الفئة.

ويضيف بشير: "يجب علينا كممثلين لذوي الإعاقة أن نقف إلى جانب هذه الفئة وقفة جادة وحقيقية".

وفيما يتعلق بالصعوبات التي يواجهونها، يقول: "تدني فرص العمل حتى في برامج التشغيل المؤقت، فعدم توافر مصدر دخل ثابت يزيد من صعوبة وضعهم، وشح الأدوات المساعدة للطلبة والخريجين وارتفاع تكلفتها فلا يتمكنون من شرائها إلا إذا توافرت من خلال مؤسسات مانحة، ونظرة المجتمع التي يجب أن تكون إيجابية أكثر مما هي عليه اليوم"، وفق حديثه.

ويتمم: "لكن هذه الشريحة تواجه الواقع بكل ما تستطيع، فهم يتمتعون بالعزيمة والإرادة رغم الظروف الصعبة، فالمجتمع هو المعوق لهم، فهم يعملوا على تحدي الإعاقة والاندماج مع المجتمع".