مع انطلاق الحملة الانتخابية الإسرائيلية الثالثة يعود الموضوع الفلسطيني من جديد يطرح نفسه على أجندة المرشحين، في ظل انسداد الأفق السياسي مع السلطة الفلسطينية، وإصدار التهديدات ضد حماس.
تعتقد أوساط إسرائيلية، على قلتها وتراجع تأثيرها، أن التوصل لتسوية مع الفلسطينيين يتطلب الحذر من أي خطوات أحادية تضر بالوضع الأمني لـ(إسرائيل)، لأنها انفصلت عن قطاع غزة في 2005، وفي النهاية لم يعد الإسرائيليون هناك.
عموم الإسرائيليين لا يريدون فعليا العودة إلى غزة، حيث مخيمات اللاجئين في جباليا والشاطئ، والأحياء المتراصة والمزدحمة في الشجاعية والزيتون، ومناطق دير البلح وخانيونس ورفح، لا يريدون لجنودهم العودة لعمليات المطاردة في تلك الأحياء المتلاصقة والأزقة الضيقة، ومواجهة الأنفاق المنتشرة، والتعامل مع المظاهرات العنيفة، ومواجهة العبوات الناسفة والبيوت المفخخة.
لقد أقدمت (إسرائيل) على تفجير غزة مرات عدة، وتسببت لأهلها بكثير من الأضرار البشرية والمادية، والفلسطينيون دفعوا أثمانا باهظة خلال تصديهم للجيش الإسرائيلي، وما زالوا يدفعون الأثمان، لكن الخيارين الأساسيين ماثلان أمام (إسرائيل): تسوية مع حماس تؤدي لتحقيق الأمن للإسرائيليين، وتمنح الفلسطينيين حياة كريمة، أو إسقاط الحركة من خلال عملية عسكرية واسعة النطاق في حرب برية تستغرق منهم شهورا، وربما سنوات.
يتساءل الإسرائيليون: أليس من الأفضل أن نذهب لتجريب خيار التسوية مع حماس في البداية؟ فربما نكسب فرصة عدم خوض حرب مستمرة طويلة وصعبة، وتبقى معهم قوائم قتلاهم الطويلة ترافقهم مع الزمن.
أما بالنسبة للضفة الغربية، فقد شهد عام 1994 خروج الإسرائيليين من المدن الفلسطينية هناك، وأقاموا طرقا التفافية، ومنذ ذلك الوقت لا يدخل الإسرائيليون تلك المدن، أحاطوا كل الضفة الغربية بالجدار الفاصل، ومنذ ذلك الوقت لا يدخل معظم الفلسطينيين إلى (إسرائيل) باستثناء من لديهم تصاريح الدخول.
سمحت (إسرائيل) بإقامة السلطة الفلسطينية على 40% من الضفة الغربية، ولا يبدو أن لديهم نية للعودة إلى حي القصبة في نابلس، والتسوق من قلقيلية، وتمشيط مخيم بلاطة، وأكل الفلافل بكنيسة المهد، مع أن الفلسطينيين لن يكتفوا بهذه المساحة ذات الـ40%، و(إسرائيل) لن تعطيهم 100% من الضفة الغربية!
الخيارات الإسرائيلية تضيق مع مرور الوقت: إما ضم الضفة الغربية، أو الانفصال عنها، الأول يعني بناء مزيد من المستوطنات، وهدم مزيد من المنازل الفلسطينية، وقد بات معلوما أنه كل عشر سنوات تندلع انتفاضة جديدة، أما الخيار الثاني فيؤسسون للانفصال عن الفلسطينيين، والانسحاب من أراضيهم المحتلة، الإسرائيليون وحدهم دون سواهم، مطالبون بأن يقرروا ما الذي يريدونه بالضبط!.