فلسطين أون لاين

الفصل الأخير في تدمير المؤسسات الأهلية

كان للجمعيات الخيرية والمؤسسات الأهلية دور عظيم في دعم صمود الشعب الفلسطيني، وخاصة بعد اندلاع الانتفاضة الثانية، حيث تشكل حينها ائتلاف خاص بالجمعيات الخيرية في الخارج لدعم صمود الشعب الفلسطيني، وكانت الأموال تجمع من الشعوب العربية والإسلامية وحتى من أوروبا وأمريكا إلى بدأت الحرب على ما يسمى الإرهاب بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر.

كخطوة أولى تم تحويل دعم ائتلاف الجمعيات من فلسطين إلى المسلمين في مناطق أخرى، وذلك من أجل الضغط على الشعب الفلسطيني في انتفاضته ضد المحتل، وكذلك من أجل تخفيف تفاعل الجماهير العربية التي كانت ترى في ذلك الدعم نوعا من الجهاد بالمال، ثم كان الضغط على الجمعيات داخل فلسطين، وخاصة في الضفة الغربية، وقد بلغ الضغط ذروته بعد الانقسام، حين سيطر رئيس الوزراء سلام فياض على جميع المؤسسات التي يعتقد أنها تناصر حماس، وقد قال حينها إنه يريد تنظيم عمل تلك المؤسسات وضمان تحقيق أهدافها، ولكنه عطل عملها وحرم آلاف الأيتام والفقراء من خدماتها، والآن وبعد مضي السنوات أصبحت تلك المؤسسات خاوية على عروشها، ومنها ما تم استغلاله أو تأجيره لأغراض لا علاقة لها بالأعمال الخيرية.

المرحلة التي نحن فيها الآن هي مرحلة القضاء على ما تبقى من مؤسسات أهلية في الضفة الغربية، حيث وضع الاتحاد الأوروبي _وهو أكبر ممول لها بعد انقطاع الدعم الأمريكي والجزء الأكبر من التمويل العربي _شروطا مقابل الدعم أقل ما يقال فيها إنها مهينة ومخزية، بحيث تُمنع المؤسسات الأهلية _على سبيل المثال_ تقديم الدعم بشكل مباشر وغير مباشر للأفراد الذين ينتمون إلى منظمات "إرهابية" ويقصدون بذلك فصائل المقاومة الشريفة التي لم تخضع لأمريكا ولا لدولة الاحتلال (إسرائيل) مثل حركة حماس، والجهاد الإسلامي وبعض فصائل اليسار الفلسطيني.

أعتقد أن المؤسسات التي ستبقى في النهاية هي المؤسسات النسوية التي نشطت في الآونة الأخيرة لإقرار اتفاقية العار سيداو، أو أي مؤسسة مستعدة لتخون شعبها وقضيته، بالمعنى الآخر سيكون استمرار عمل أي مؤسسة في الضفة الغربية دليلا على وجود شبهات أمنية وأخلاقية تعتريها إلا إن كانت تتلقى الدعم من جهات غير أوروبية أو أمريكية، ولذلك لا بد من الضغط على الاتحاد الأوروبي للتراجع عن شروطه التي تتناقض مع كل القيم والمبادئ الإنسانية، وتعد انصياعا للضغوط الصهيونية سواء التي تمارس من جانب جهات تتبع للحكومة الإسرائيلية أو تلك التي تمارسها المنظمات الصهيونية أو العربية الموالية لهم خارج فلسطين.