فلسطين أون لاين

إستراتيجية "مسيرات العودة" الجديدة.. إعادة تموضع لاستنزاف الاحتلال

...
غزة/ يحيى اليعقوبي:

إستراتيجية وشكل جديد ستتخذها مسيرات العودة وكسر الحصار، بعقدها شهريا وفي المناسبات الوطنية، وذلك بعد مرور 86 أسبوعاً منذ انطلاقها في 30 مارس/ آذار 2018م، يراه مراقبون، أشبه بإعادة تموضع وتكتيك جديد بهدف الحشد الأكبر واستنزاف الاحتلال الإسرائيلي في مناسبات وطنية عديدة يحييها الشعب الفلسطيني.

المسيرات مرت منذ انطلاقها بمراحل مد وجزر من حيث حجم الحشود تخللها عدة مليونيات خاصة في 14 مايو/ أيار 2018؛ احتجاجا على نقل السفارة الأمريكية من (تل أبيب) للقدس المحتلة، والتي قتل جنود الاحتلال فيها 60 متظاهرا سلميا.

لكن بعد مرور عدة أشهر على انطلاقها جاء المجتمع الدولي من بعيد للاستماع إلى صوت الشعب الفلسطيني الذي ظل يتجاهله منذ فرض الحصار الإسرائيلي على غزة عام 2007، فأحيت المسيرة القضية الفلسطينية وجعلتها في مقدمة اهتمام المجتمع الدولي، الذي سارع بإرسال وفود أوروبية وأممية ودولية كثيرة ومتعددة للبحث مع الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة مطالب المسيرة، كما أحيت المسيرات حق العودة في نفوس أبناء الشعب الفلسطيني وأسقطت نظرية "الكبار يموتون والصغار ينسون".

مقابل ذلك، قدم الشعب الفلسطيني تضحية كبيرة بعد أن قتل جنود الاحتلال 300 متظاهر سلمي، وجرح عشرات الآلاف، ليكون ملف مسيرات العودة وجرائم الاحتلال فيه أحد الملفات الأساسية التي يتوقع أن تحقق فيها المحكمة الجنائية الدولية لفظاعة الجرائم المرتكبة.

ومع الحديث عن انتقال المسيرات إلى مرحلة جديدة، يبقى السؤال: هل ستنتقل التجربة النضالية في غزة إلى الضفة الغربية المحتلة التي تعاني من التغول الاستيطاني؟

تطوير الأداء

الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف، يقول: إن مسيرات العودة التي استمرت على نفس الوتيرة والأداء على مدار 86 أسبوعا منذ انطلاقها كانت بحاجة إلى تطوير الأداء، خشية أن يمل المواطن من المشاركة بالشكل والوتيرة الأسبوعية.

ويعتقد الصواف في حديثه لصحيفة "فلسطين"، أن التطوير في الأداء رغبة الكل الفلسطيني، بعدما أجمعت القوى الفلسطينية وقررت أن تكون المشاركة في المسيرات شهريا، وفي المناسبات الوطنية، وهي خطوة مدروسة أهم ما فيها أن الكل الوطني متفق عليها، وجاءت بعد تقييمات ودراسات إلى أن وصلوا لهذه النتيجة.

وبحسب الصواف، من المفترض أن تمنح الآليات الجديدة للمسيرات فرصة زيادة الحشد الجماهيري، لمحاولة دفع الفلسطينيين في الداخل والخارج للمشاركة فيها.

ورأى أنه لا أحد يستطيع إنكار الإنجازات التي حققتها المسيرات على عدة صعد، رغم أنها لم تحقق كل ما يصبو إليه الشعب الفلسطيني، موضحا أنها أعادت إحياء القضية الفلسطينية وجعلها في صدارة اهتمام المجتمع الدولي، وأحيت حلم العودة في نفوس أبناء الشعب الفلسطيني من جديد.

ولفت إلى أن معبر رفح قبل المسيرات لم يكن يفتح إلا نحو 15 يوما طوال العام، على مدار عدة سنوات سابقة، لكنه اليوم وبعد انطلاق المسيرات لا يغلق إلا في الأعياد، فضلا عن دخول ملايين الدولارات التي أحيت عجلة الاقتصاد الغزي من جديد، وكذلك ازدياد عدد ساعات وصل الكهرباء لأكثر من ثماني ساعات، بعدما كانت تتراوح من ساعتين إلى أربع ساعات في العام الأخير الذي سبق انطلاق المسيرة، مؤكداً أن هذا تحقق دون أن يدفع الشعب الفلسطيني ثمنا سياسيا.

عناصر قوة

عضو الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة، ماهر مزهر، يقول: إن عنصر قوة المسيرة في استراتيجيتها الجديدة ينبع من إرادة وعزيمة الشعب الفلسطيني المصمم على المواصلة والاستمرار، فبالأمس ورغم الأجواء الماطرة خرجت الجماهير لكل نقاط مخيمات العودة.

وأضاف مزهر لـ"فلسطين" أن الهيئة الوطنية بإدارتها الحكيمة التي تنبع من الحرص والجرأة في اتخاذ القرارات لتحقيق الأهداف التي انطلقت من أجلها المسيرات، تعمل على الاستمرار وتحقيق الوحدة الفلسطينية ورفع كلفة الاحتلال.

وبين أن تغيير شكل المسيرات مرتبط بإعادة التشكيل والتأهيل، وأن تقوم اللجنة القانونية بإعداد ملف كامل عن جرائم الاحتلال ضد المشاركين السلميين بالمسيرات وتقديمه للمحكمة الجنائية الدولية، وإعادة ترتيب المخيمات الخمسة للانطلاق بقوة في 30 مارس القادم، في الذكرى السنوية الثانية للمسيرات.

وكشف أنه "في يوم الأرض سنقدم مفاجأة للعالم من خلال مسيرة مليونية حاشدة تستنزف الاحتلال، لنقول إن المسيرات مستمرة ولن تتراجع".

وأشار إلى أن جزءا من المهمة الأساسية للهيئة الوطنية العمل على نقل المسيرات كمحطة نضالية للضفة الغربية المحتلة، رغم حدوث عدة معيقات منعت ذلك في العام الأول، مبينا أن الشعب الفلسطيني بالضفة يمتلك مخزونا نضاليا كبيرا خاصة في ظل وجود نحو 850 ألف مستوطن ونحو 51 نقطة اشتباك، ما يوجب ضرورة انتقال التجربة هناك.

وأفاد بأن الهيئة تدير عملية تشبيك وتواصل مع مؤسسات ومتضامنين للخروج بمسيرات وفعاليات تضامنية في كل أرجاء المعمورة، من خلال عملية تواصل وتشبيك مع الجميع.

ولفت مزهر إلى أن عنوان المسيرات خلال المرحلة القادمة يتمثل بالتصميم على الاستمرار واستنزاف الاحتلال وإرباك حساباته، ومواجهة كل المطبعين، وأن تبقى القضية الفلسطينية على طاولة المؤسسات، وإيصال ملف جرائم الاحتلال بحق الشهداء للمحكمة الجنائية الدولية، ومحاكمة قادة الاحتلال، وأن يكون الشعب الفلسطيني موحدا.