رغم تمتع (إسرائيل) بقوة عسكرية واضحة، ونمو اقتصادي لافت، واعتراف بها كأمر واقع من بعض الدول المجاورة، لكن ذلك لا ينفي أنها تواجه جملة تهديدات وجودية.
السطور التالية تنشغل في تحليل أهم وأخطر خمسة تهديدات أساسية وجودية على (إسرائيل)، أولها قيام تحالف عسكري إقليمي ضدها، وقد لا يكون مرئيا للعيان في المدى المنظور؛ بسبب عوامل إقليمية ذاتية، ومنها الانقسام السياسي والطائفي بين دول المنطقة، وغياب قوة عسكرية وازنة، وتراجع الشأن الفلسطيني أمام التطورات الإقليمية والدولية، وتقارب دول عربية مع (إسرائيل)، تتقاسم معها ومع الولايات المتحدة جملة مصالح مشتركة.
التهديد الثاني على (إسرائيل)، تعلّق بزيادة انتشار السلاح النووي في الشرق الأوسط، وهو خيار قائم في المديين المتوسط والبعيد، خاصة إن نجحت إيران في تجديد خططها النووية ذات الأبعاد العسكرية، وفي حال انتقلت الطموحات لدول أخرى بالمنطقة، فإنه سيحرم (إسرائيل) من تفوقها النوعي والحصري في حيازة هذا السلاح.
التهديد الثالث على (إسرائيل) يتمثل في فشل المنظومة الدفاعية الإسرائيلية في مواجهة هجمات صاروخية واسعة ودقيقة تستهدفها، من خلال طائرات مسيرة دون طيار وهجمات سايبر تعمل على إحداث شلل في هذه المنظومات الدفاعية، وتعتبر إيران الجهة المرشحة لأن تقود هذه الهجمات، سواء بصورة انفرادية أو بعمل مشترك مع حلفائها في المنطقة.
التهديد الرابع على (إسرائيل)، يتمثل بفرض عزلة دولية على (إسرائيل)، وزيادة رقعة مقاطعتها، وإمكانية فرض عقوبات عليها، ورغم أن هذا سيناريو ليس قائما في المدى المنظور، لكن الانتقادات الدولية على (إسرائيل) بسبب الموضوع الفلسطيني متنامية.
هذا التهديد قد يزداد على (إسرائيل) في حال قامت بضم الضفة الغربية، وسنّت تشريعات تتعلق بحقوق الفلسطينيين العرب فيها، أصحاب الأرض الأصليين، ورفضت التجاوب مع مبادرات دولية لإحلال السلام، وظهور مواقف أمريكية غير متعاطفة معها.
التهديد الخامس على (إسرائيل) يتعلق بتحديات داخلية تتعلق بهوية (إسرائيل)، وإجراءات قد تزعزع الاصطفاف اليهودي فيها، ما سيكون لها آثار سلبية مباشرة تمس بهويتها الديمقراطية الليبرالية، ويعتبر تهديدا وجوديا عليها، وقد يترك تأثيراته على أمنها أيضا.
هذا التهديد قد يتمثل بظهور احتجاجات شعبية واسعة على أساس قومي أو عرقي أو أيديولوجي، وهي كفيلة بهجرة اليهود من (إسرائيل) الذين سيشعرون بفقدان التعاطف مع الدولة، أو الخوف إن استمروا في الحياة داخلها، وسوف تظهر هجرة الأدمغة، وتراجع الاستثمارات، وتوقف السياحة، ما قد يتسبب بأضرار كبيرة لاقتصاد (إسرائيل)، فضلا عن الإساءة لسمعتها في الغرب، وتوسيع الفجوة بينها وبين يهود الشتات.