استكمالًا لحديث الأمس، فإن إسرائيل تنطلق من فرضية مفادها أنّ حماس بوسعها ضرب منصات الغاز، التي تُوفّر لها 60% من احتياجاتها من الكهرباء، فضلاً عن العائدات الاقتصادية المقدرة بعشرات المليارات من الدولارات، وإمكانية التسبب بأزمة طاقة في إسرائيل بسبب توقف هذه المنشآت عن العمل، وإمكانية انسحاب الشركات العالمية من الاستثمار في الحقول الإسرائيلية.
كل ذلك قد يحصل حتى من دون امتلاك حماس صواريخ أرض -بحر، وسيكون لهجوم ناجح ضد هذه المنصات تأثير ضخم على الاقتصاد الإسرائيلي، وسوف تصبح صور المنصات المشتعلة بمثابة "صورة انتصار" لحماس، فيما لو نفذت هذا الهجوم.
وفي ظل أن مساحة المياه الاقتصادية تبلغ ضعف مساحة إسرائيل، فإنه يمثّل عامل إغراء لحماس وباقي المنظمات المسلحة لاستهدافها، وتنفيذ عمليات مسلحة داخلها، وعلى رأسها استهداف حقول الغاز.
تعتقد المحافل الإسرائيلية أن حماس تسلحت بقدرات جديدة بينها صواريخ تمكنها من ضرب منصات الغاز، لأنها شخصت المحفزات الكامنة في الحيز البحري، وبنت لنفسها منظومة هجومية إستراتيجية من كل النواحي، مما حدا بسلاح البحرية لتركيب منظومة القبة الحديدية على سفن ساعر5، التي تحمي منصات الغاز، مع العلم أن قدرة حماس على ضرب الأصول الاستراتيجية الإسرائيلية لا تقتصر بالضرورة على الصواريخ.
أكثر من ذلك، فإن الجيش الإسرائيلي يفترض أنه في المواجهات المقبلة سيتم تهديد قاع البحر بشكل كبير من قبل حماس المهتمة بضرب حصانة إسرائيل، في ظل وجود تشكيلة من الوسائل المتعددة والقدرات الواسعة، بدءا من الغواصين الانتحاريين، مرورا بتفعيل قوارب مفخخة، وحتى تفعيل غواصين في المياه العميقة والمتفجرات، وتشغيل غواصات صغيرة، ومنظومة ألغام وتخريب من صنع ذاتي.
مع أن حماس قد لا تستعجل ضرب هذه المنصات، لأنها تعلم أنّ الإضرار بها يعني إعلان حرب غزة الرابعة، رغم وجود قناعة إسرائيلية بأنه منذ اكتشاف حقول الغاز في المياه الإسرائيلية، تعتقد إسرائيل أنها قد تكون عامل تفجير مقابل حماس، لأن حقول الغاز شعلة تشتعل أمام عيون مقاتلي الحركة، وهم يهدفون إلى خلق حدث مؤثر في الوعي الجمعي الفلسطيني والإسرائيلي، لأن المسافة بين قطاع غزة والمنصات 40 كيلومترًا، وهي مسافة يمكنهم الوصول إليها.
لا يحتاج مقاتلو حماس لأن يكونوا عبقريين لمعرفة مواقع منصات الغاز الإسرائيلية، لأنه يمكن تحديد مواقعها عبر الإنترنت، فذلك ليس من أسرار إسرائيل، وكل من يستيقظ صباحا في قطاع غزة يرى قبالته هذه المنصات.
كما أنّ جزءا كبيرا من البنى التحتية الاستراتيجية الإسرائيلية مركزة في قطاع ضيق على طول الشاطئ، وتعرضها للقصف سيكون مصيريا، مما سيضطر إسرائيل في أي مواجهة مستقبلية مع غزة لمواجهة الصواريخ والطوربيدات والألغام والوسائل القتالية فوق البحر وتحته.