اختتمت قمة كوالالمبور الإسلامية أعمالها بالتشديد على عزم الدول المؤسسة على المضي قدما في تحقيق أهدافها بالعمل على استعادة الحضارة الإسلامية من خلال التعاون في مجالات التعليم والتكنولوجيا والصناعة والدفاع، وقد دعا رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد إلى هذه القمة من أجل بحث إستراتيجية جديدة للتعامل مع مشكلات العالم الإسلامي وتحسين حياة المسلمين، وتشكلت نواة القمة من ماليزيا وإندونيسيا وباكستان وتركيا وقطر، لكن رئيس الوزراء الماليزي قال إنه دعا السعودية وإيران ودولا إسلامية أخرى للمشاركة.
إندونيسيا والباكستان تعرضتا لضغوط عربية وأجنبية لعدم المشاركة بهذه القمة، وكذلك امتنعت بعض الدول دون ضغط عن الحضور، وهذا يدل على أن القمة مختلفة عن القمم العربية والإسلامية التي تعودنا عليها منذ عشرات السنين، فهي ليست كاجتماعات الدول العربية أو منظمة التعاون الإسلامي التي تخضع اجتماعاتها وقراراتها لأجندات غربية وتحالفات دولية غير شرعية.
الذي يميز قمة كوالالمبور أنها معنية بنوعية الدول المشاركة وليس بعددها، فهي لا تريد اجتماعا يضم عشرات الدول والرؤساء ثم الخروج بقرارات ترضي جميع الأطراف المشاركة وأهواءهم، بل تريد الاعتماد على بضع دول مستقرة وذات سيادة ولديها قدرات، سواء كانت اقتصادية أو سياسية أو عسكرية، وهذه المواصفات لا تتوافر إلا في بضع دول إسلامية.
قمة كوالالمبور حضرتها بضع دول ومئات العلماء والمفكرين من أجل البحث في أسباب الواقع الأليم الذي يعيشه المسلمون. القمة تحاول علاج مشكلات المسلمين وما يتعرضون له من مؤامرات وحصار ومجازر، وذلك من خلال تشخيص الواقع ومعرفة الأسباب الحقيقية من أجل وضع الحلول الناجعة. القمة لا تسعى لأن تكون بديلا عن تكتل دولي، ولا تسعى كذلك لعلاج الأزمات بالحروب والحلول العسكرية، ولكن لديها نية لاستغلال الطاقات الإسلامية والعربية لمساعدة المسلمين وتخفيف معاناتهم، والضغط على من يتسبب لهم في تلك المعاناة بالطرق الممكنة، ومنها الضغط الاقتصادي والسياسي.
أعتقد أن ماليزيا وتركيا قادرتان على إحداث تغييرات جذرية في واقع الأمة الإسلامية، كما أنني أعتقد أن باكستان وإندونيسيا لن ترضخا إلى الأبد للضغوط العربية والأمريكية، وأن الفلسفة التي انعقدت على أساسها قمة كوالالمبور سيتم تبنيها وتطبيقها رغم الضغوط المتوقعة، وصحوة الشعوب العربية وإيمانها بإمكانية تغيير هذا الواقع سيكونان رافعة لنهضة الأمة الإسلامية وتحررها من السيطرة الأجنبية.