مع تزايد المطالب الفلسطينية بضرورة إجراء الانتخابات المقبلة في القدس المحتلة، بجانب قطاع غزة والضفة الغربية، فإن (إسرائيل) تواجه بهذا المطلب المشروع تحديا جديدا، وفي هذه الحالة ستكون مطالبة باتخاذ قرار حول مشاركة المقدسيين بهذه الانتخابات، كما حصل في انتخابات 2006، حين طلبت الولايات المتحدة.
هناك جملة سيناريوهات إسرائيلية محتملة أمام الطلب الفلسطيني، ففي حال وافقت (إسرائيل) عليه بإجراء الانتخابات في القدس، فإنها بذلك تمنح رمزا سياديا فلسطينيا في شرقي القدس، وإن رفضت فإنها ستثبت المواقف الفلسطينية بشأن احتلال القدس، والتدخل الإسرائيلي في شؤونهم الداخلية، ولذلك -في كلتا الحالتين- فأي قرار ستتخذه (إسرائيل) سيترك تأثيره الجوهري على الانتخابات الفلسطينية.
مع العلم أن هناك شكوكا بأن تكون للقرار الإسرائيلي تبعات عملية على الأرض، لا سيما في ظل التقديرات المتزايدة بأن السلطة الفلسطينية لا تنوي إجراء الانتخابات من الأساس، لكنها تجري من خلالها مناورة داخلية، تمثلت باستجابة الرئيس الفلسطيني محمود عباس للضغوط الخارجية بالإعلان عن إجراء الانتخابات.
وفي النهاية فقد اضطر عباس للإعلان عن الدعوة للانتخابات عقب ضغوط دولية مورست عليه، لأنه ليس مستعدا لزعزعة كرسيه طواعية، بدليل أنه بعد مرور أسابيع طويلة على موافقة كل الفصائل على إجراء الانتخابات، دون تحفظ، فإن المرسوم الرئاسي لم يصدر بعد، دون تقديم توضيح أو تبرير لهذا التأخير!
ستشهد الأيام القادمة بدء الحكومة الإسرائيلية إجراء مداولاتها لبحث الطلب الفلسطيني، لكن المشكلة أن (إسرائيل) تجد نفسها في مرحلة انتخابات، وصناع قرارها معنيون بتحسين مواقعهم الحزبية في مثل هذه الأوضاع، وحتى من غير الانتخابات الإسرائيلية، فإن التوقع يذهب باتجاه أن تضع (إسرائيل) الفيتو على الطلب الفلسطيني.
وفي حال أجابت (إسرائيل) سلباً على الطلب الفلسطيني، فسوف نسمع من عباس ورجاله انتقادات حادة ضدها، وسيقولون حينها إنها أعاقت إجراء الانتخابات، لكنهم في أعماق قلوبهم قد يكونون سعداء، لأنه برفض إجراء الانتخابات بالقدس فإن (إسرائيل) ستمنحهم الذريعة التي يبحثون عنها للعودة عن قرار إجراء الانتخابات.
ولذلك فإن التحدي الإسرائيلي سيكون قائما بهذه الحالة، وصناع القرار فيها سيضطرون لتقديم إجاباتهم للطلب الفلسطيني، وهذا الرد سلبيا كان أم إيجابيا سيشكل مثار حديث دائم للفلسطينيين خلال الفترة القادمة.
قد يترك القرار الإسرائيلي تأثيره على العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية، وعلاقاتها مع فلسطينيي القدس، والمكانة القانونية لشرقي القدس بالنسبة لـ(إسرائيل)، مع أن سؤالا مهما جديا يطرح عن إمكانية نجاح إجراء الانتخابات الفلسطينية في ظل أن شرقي القدس خاضع للاحتلال الإسرائيلي وفق التفسير الفلسطيني.