تتزايد التقديرات الفلسطينية والإسرائيلية بأن التسوية في قطاع غزة ما زالت بعيدة، لأن محاولات وقف إطلاق النار، والتوصل لتسوية مع حماس سوف تضطر للانتظار نصف عام أخرى، حتى تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة، بعد إجراء جولة الانتخابات الثالثة.
إن الواقع الأمني المعقد الذي تجد فيه إسرائيل نفسها في الجبهتين الشمالية والجنوبية، وزيادة التوتر مع إيران في الشهور الأخيرة، من المتوقع أن يسيطر على الأجندة الانتخابية المقبلة في إسرائيل، ما يعني أنه حتى توجه الإسرائيليين إلى صناديق الاقتراع في مارس، فيبدو أن اندلاع جولة تصعيد مع الشمال أو الجنوب يبدو خيارا معقولا، وهذا سيناريو يزداد ترجيحا مع مرور الوقت.
مع العلم أن إمكانية إبرام تسوية مع غزة قد تعتبر ورقة انتخابية رابحة بنظر الرأي العام الإسرائيلي، وفي حال توصل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إلى ترتيبات مع حماس في القطاع، فإن ذلك سيترك تأثيره الإيجابي على جمهور الناخبين الإسرائيليين، هكذا يظن حزب الليكود والائتلاف الحكومي الحالي.
يعترف الليكوديون من أنصار نتنياهو أن جزءا من المقاعد التي خسروها في الجولة الانتخابية الأخيرة جاء بفعل التوترات الأمنية في غزة التي سبقت الانتخابات في سبتمبر، وهذا يعبر عن قناعات المستوى السياسي الإسرائيلي ممثلا بنتنياهو ونفتالي بينت وزير حربه، وكذلك المستوى العسكري ممثلا بأفيف كوخافي قائد الجيش، الذين يسعون جميعا لتحقيق تسوية مع غزة والجبهة الشمالية.
ولكن بجانب التفاؤل الذي يحدو المستويين السياسي والعسكري تجاه غزة، فإن المنظومة الأمنية الإسرائيلية ما زال لديها تقدير موقف يرى أننا أمام جولات أخرى من المواجهة خلال الشهور القادمة، على اعتبار أن التجارب الماضية أكدت أن المعارك العسكرية في غزة كانت تتزامن بصورة أو بأخرى مع الجولات الانتخابية.
ولذلك يبدو من الصعب أن نرى نتنياهو يتوصل في الفترة القادمة إلى اتفاق مع حماس من خلال وسطاء، ويمنح غزة المزيد من التسهيلات الاقتصادية والمعيشية، لاسيما في ظل استمرار تساقط القذائف الصاروخية، وعدم حصول تقدم في صفقة تبادل الأسرى مع الحركة.
وفي طور الحديث عن ترتيبات انتخابية، يظهر أن رئيس هيئة الأركان ووزير الحرب ورئيس الحكومة لديهم قناعة واحدة بضرورة التوصل إلى تسوية في غزة مع حماس، ويفضلون هذا الخيار على سواه من البدائل والسيناريوهات، لكن الواقع الميداني قد يتغير بسرعة، مما سيؤدي إلى ضغط سياسي على الليكود الحاكم.
وبغض النظر عن التوقعات والتقديرات الأمنية، فمن الواضح أن سيناريو التسوية الدائمة في غزة ما زال بعيدا، وفي الشهور القادمة سوف يزيد التوتر الأمني أو ينخفض وفقا لطبيعة الأحداث الميدانية السائدة.