قضية الإعاقة واحدة من القضايا الحقوقية المهمة التي تشغل حيزًا كبيرًا من اهتمام المجتمعات كافة, فتكمن أهميتها في أنها تشكل نسبة لا بأس بها من مجموع السكان، إذ إن تقديرات منظمة الصحة العالمية لعام 2015م تشير إلى أن نسبة الأشخاص ذوي الإعاقة بلغت 15% من عدد سكان العالم, ما يعني وجود أكثر من مليار شخص من ذوي الإعاقة في العالم، بحسب التقرير العالمي للإعاقة- منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي في عام 2010م.
إن الإنسان يميل بطبعه للرغبة بأن يعيش باستقلالية، لكن بعضًا قد يواجهون صعوبات أكثر من غيرهم ليتمكنوا من الوصول للاستقلالية التي يحلمون بها، خاصة من يعانون إعاقات حركية متنوعة ومختلفة، لذا إن النشاطات اليومية العادية يمكن أن يراها شاقة جدًّا عليه، مع نظرة من المجتمع إليه، وعدم مواءمة البيئة المحلية له من مرافق عامة كمستشفيات ووزارات ومتنزهات وشاطئ البحر، ما يرهق عملية الدمج الشامل لهم.
واقع ذوي الإعاقة في قطاع غزة
وفي قطاع غزة بلغ عدد الأشخاص ذوي الإعاقة نحو 127,962 منهم 72,425 ذكور و 55,537إناث، وفقاً للنتائج الأولية للتعداد العام للسكان والمساكن والمنشأة 2017م في الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، أي بنسبة 6.8 % من إجمالي سكان قطاع غزة, وهم في أمس الحاجة لخدمات التأهيل، لأن غالبيتهم من الفقراء والأشخاص محدودي الدخل وبحاجة للمساعدة لإعادة تأهيلهم وتمكينهم وإعادة دمجهم في المجتمع.
أرقام حول الإعاقة الحركية
بلغت نسبة الإعاقة الحركية من مجموع نسب الإعاقات نحو 35,52%، فبلغت نسبة الأطفال من ذوي الإعاقة الحركية 25.31%، في حين بلغت نسبة الأشخاص ذوي الإعاقة الحركية البالغين 74.69%، وبلغت نسبة الإناث من ذوي الإعاقة الحركية 42.18%، في حين بلغت نسبة الذكور من الأشخاص ذوي الإعاقة الحركية 57.82%.
ومن الملاحظ أن نسبة الإعاقة الحركية هي الأكثر ارتفاعًا بين الإعاقات 35.52%, وتوزعت 64.48% على باقي الإعاقات المختلفة.
أهداف التنمية المستدامة لخطة 2030م
إن أهداف التنمية المستدامة لخطة 2030م -وهي خطة لتحقيق تنمية مستدامة أفضل للجميع- هذه الأهداف تتصدى للتحديات العالمية التي يواجهها العالم، ومن ذلك الأشخاص ذوو الإعاقة، وتشمل: القضاء على الفقر، والصحة الجيدة والرفاهية والتعليم الجيد، والمساواة بين الجنسين ، والعمل اللائق والنمو الاقتصادي, والحد من أوجه عدم المساواة وعدم التمييز.
توصيات:
ومن هنا نرى أن الأشخاص ذوي الإعاقة الحركية بحاجة إلى مجموعة من الاحتياجات التي نصت عليها الاتفاقية الدولية للأشخاص ذوي الإعاقة وقانون المعاق الفلسطيني رقم 4 لعام 1999م، وتتمحور حول توفير التسهيلات في المباني والطرق العامة بما يناسب احتياج هـذا النـوع من الإعاقـات الحركية، وفقاً لما تنص عليه المقاييس الدولية في هذا المجال، مع الأخذ في الحسبان وجهة نظر أفراد هذه الفئة.
وبداية لتحقيق الاستقلالية التي تحدثنا عنها في مقدمة المقال، نطالب بتوفير كل الاحتياجات الأساسية من مأكل ومشرب وتعليم وعمل وتدريب ودمج وتأهيل وترفيه، لفئة ذوي الإعاقة الحركية تحديدًا، نظراً إلى حاجتهم الماسة لتحقيق الاستقلالية في الحياة العامة.
ونوصي بفتح المجال لجميع الأطفال من ذوي الإعاقة الحركية للاندماج في المدارس الحكومية والخاصة، وفي المراحل التعليمية كافة، كما الطلبة الآخرين الذين لا يعانون إعاقات.
وهناك حاجة ماسة إلى توفير الخدمات التي تحتاج إليها هذه الفئة من الأشخاص ذوي الإعاقة الحركية في مختلف المراحل الدراسية، وتقديم التسهيلات اللازمة في المواصلات العامة للأشخاص ذوي الإعاقة الحركية، وفقاً للمقاييس الدولية التي تخضع لها المواصلات العامة، وتوفير الدعم المالي اللازم لدعم خدمات واحتياجات الأشخاص ذوي الإعاقات الحركية، من طريق الاستثمارات وغيرها من وسائل الدعم المختلفة.
ونختتم بالحديث عن أهمية توفير فرص العمل المناسبة لهذه الفئة حسب المستوى العلمي والخبرات المهنية، وتوفير التسهيلات اللازمة لأفراد هذه الفئة في مواقع العمل، وتأكيد أهمية برامج التوعية المجتمعية، مع الحرص على إشراك كل قطاعات المجتمع المعنية بذلك.