مع الإعلان الرسمي عن إجراء الانتخابات الإسرائيلية الثالثة، فقد بات واضحًا أنه ليس هناك من أخبار جيدة تنتظر بنيامين نتنياهو، رئيس الحكومة، رغم أنه استل كل أسلحته على مذبح مصلحته الشخصية، وعدم ترك إسرائيل تشق طريقها بعيدا عنه، لكن الجميع ينتظر لحظة خروجه من مقر رئاسة الحكومة، سواء إمكانية تعرضه لمحاكمة جنائية، أو إمكانية إصدار الحكم عليه بالسجن.
ومن أجل أن ينجو نتنياهو بنفسه من هذا المصير المؤلم، فإنه بحاجة إلى معجزة، وهكذا فإن إسرائيل ذاهبة لا محالة إلى انتخابات ثالثة خلال أقل من عام واحد، الأولى في أبريل 2019، والثانية في سبتمبر 2019، والثالثة في مارس 2020.
وبعد أن نجح نتنياهو عقب انتخابات أبريل في تحصيل ستين مقعدًا من معسكر اليمين، دون حزب أفيغدور ليبرمان، فإن حظوظه تراجعت إلى 55 مقعدا عقب انتخابات سبتمبر، والاستطلاعات الجارية تشير إلى استمرار التراجع في ذات المسار.
لكن النهاية المحتومة لنتنياهو تنتظره، لأن مصيرا غير طيب سيكون أمامه، فإما أن يخرج من مقر رئاسة الحكومة في القدس المحتلة، أو يتعرض لمحاكمة جنائية، وإما إصدار الحكم عليه بالسجن الفعلي، واليوم يجد نتنياهو نفسه يحارب ضد كل هذه الاحتمالات، لكن ما يحصل حاليا في إسرائيل مخالف لكل القوانين والنواميس.
وهكذا تتعرض القوى السياسية الإسرائيلية مجتمعة لخسائر متلاحقة، فنتنياهو يستخدم كل مقدراته وإمكانياته للحفاظ على وجوده في الحكم، وليبرمان مستعد لدفع كل الأثمان مقابل إنهاء عهد نتنياهو، أما بيني غانتس زعيم حزب أزرق- أبيض فارتبك كثيرا في كتاب التكليف، قبل أن يعيده إلى رئيس الدولة.
اليوم يحتاج نتنياهو إلى سلسلة معجزات لإنقاذ نفسه، أولاها إمكانية الحصول على 61 مقعدا في الكنيست دون ليبرمان؛ من أجل إقامة حكومة اليمين، وسوف يجتهد في الحصول على حصانة برلمانية من الكنيست؛ خشية من التعرض لمحاكمة جنائية، وقد خاض نتنياهو في الأسابيع الأخيرة سلسلة ألعاب مركبة معقدة، وأجرى مبعوثوه جملة مفاوضات حساسة مع رجال حزب أزرق- أبيض.
ومن المتوقع أن يجند نتنياهو في حملته الأخيرة كل إمكانياته السياسية والشخصية، لكن من الواضح أنه لن ينجح هذه المرة، ولن تكون هذه الإمكانيات كافية لإنقاذه، وهو يأمل أن يعيد إلى حزب الليكود كبار نشطائه القدامى الذين أداروا ظهورهم له، وغابوا عن التصويت في الانتخابات السابقة، وانضموا إلى قوائم أخرى، ووفق إحصائيات الليكود، فإن عددهم يصل إلى ثلاثمائة ألف عضو.
كما أن نتنياهو بجانب تلك المحاولات سيعمل على توحيد أحزاب اليمين الإسرائيلي، وهو ما من شأنه عدم فقدان الأصوات، وانتظار أن تقع معجزة تطيح بليبرمان أو غانتس، أو كليهما معا، ويسعى إلى تجنيد الرئيس دونالد ترامب إلى مناورته الأخيرة.