إذا توافرت النوايا الصادقة للذهاب إلى انتخابات رئاسية وتشريعية، ثم إلى انتخابات مجلس وطني، فلماذا لا تتوقف المناكفات الداخلية كما هو حاصل مع قضية المستشفى الميداني الأمريكي؟ استمرار التوتر الداخلي يشير إلى وجود قناعة لدى أصحاب القرار بأن الانتخابات ما زالت بعيدة المنال، أو أن بعض الفصائل الفلسطينية ليست مستعدة لها حتى اللحظة، رغم قناعتي الشخصية بأن الانتخابات قد تكون قريبة جدا لأنها لم تعد مصلحة فلسطينية فقط، بل هي مطلب دولي طُرح أو فُرض على منظمة التحرير الفلسطينية كما قال حسن خريشة النائب في المجلس التشريعي أو حسب مصادر إخبارية متعددة، ولا أستبعد أيضا أن تكون أطراف أخرى قد طرحت على الفصائل في غزة تذليل العقبات من أجل إجراء الانتخابات.
وفيما يتعلق بآخر مستجدات التحضير للانتخابات قال السيد حنا ناصر رئيس لجنة الانتخابات إن الفصائل الفلسطينية وافقت على إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية وفق الأسس التي وضعها الرئيس محمود عباس، وهذا الكلام يبدو غير دقيق، وينذر بوجود مطبات جديدة، لأن بعض الفصائل وافق على دعوة الرئيس للمشاركة في الانتخابات وفق الأسس القانونية والدستورية مع التغاضي عن تجاوزات دستورية يمكن قبولها وجبرها بالتوافق وليس وفق الأسس التي وضعها الرئيس، وخاصة الالتزام بقانون الانتخابات لعام 2007 بحذافيره، وهو قانون لم يعرض على المجلس التشريعي ولم تتوافق عليه جميع الفصائل، وخاصة حركة حماس التي تمثل الأغلبية في المجلس التشريعي.
وبالعودة إلى قضية المستشفى الميداني قال بالأمس رئيس الوزراء د.محمد اشتية إنه سيشرع في تشغيل المستشفى التركي ردا على وجود المستشفى الأمريكي، وقد سعدت جدا بهذا الخبر، ونأمل أن يفي رئيس الوزراء بوعده، ولكن كنت أتمنى أن يكون هذا الوعد استجابة لحاجات المواطنين في قطاع غزة المحاصر، وألا يتوقف الأمر عند تشغيل المستشفى التركي، بل يتعداه إلى تقديم كل الدعم اللازم لقطاع غزة، وحينها لن تكون غزة بحاجة إلى أمريكا ومساعداتها، فالبديل العربي والإسلامي أفضل من الأجنبي، ولكن ما رمى غزة على المر إلا ما هو أشد مرارة كما يقول المثل.