تقرير مراقب الدولة في الكيان الصهيوني أظهر إخفاقات كبيرة لجيش الاحتلال في إدارة الحرب، وأصبح واضحًا الخلل الكبير الذي صاحب أداء الجيش الصهيوني على مدار 52 يومًا من الحرب المسعورة على قطاع غزة، ما جعل الكثيرين من المسؤولين الصهاينة ينادون بالإطاحة برئيس الوزراء (نتنياهو) وحكومته الفاشية، وآخرين وصفوا (نتنياهو) بالرجل الجبان الضعيف، وقد اتهمه وزير الحرب الصهيوني الأسبق (إيهود بارك) بالتضليل والخداع ووصفه بالرجل الجبان ويجب الإطاحة به لا إنقاذه.
أحدث التقرير الأخير للمراقب (يوسف شابير) ضجيجًا كبيرًا، وطالت الإخفاقات كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين في الكيان الصهيوني، وفي مقدمتهم نتنياهو، ووزير الحرب السابق موشيه يعالون، ورئيس الأركان السابق بني غانتس، وتحدث التقرير عن سوء الأداء وعدم الانسجام بينهم وبين المستويات الأُخرى من صنّاع القرار.
وتحدث التقرير أن كلًّا من (نتنياهو ) و(يعالون ) و(غانتس) أداروا كل مراحل الحرب وحدهم، وأقصوا أعضاء المجلس الوزاري الأمنيّ الإسرائيليّ المصغّر (كابينيت)، وأخفوا قسمًا كبيرًا من التفاصيل الهامة عن وزراء آخرين.
وقد وصف تقرير مراقب الدولة الصهيوني أداء المجلس الأمني المصغر(كابينيت) بالمشكلة الكبيرة، وانتقد طريقة اتخاذه القرارات في أثناء الحرب، كما انتقد انقسام أعضاء المجلس بشأن إمكانية تنفيذ عملية برية في أثناء العدوان على قطاع غزة عام 2014م، وسلط الضوء على افتقار الجيش الصهيوني للاستعدادات اللازمة لمواجهة أنفاق غزة، وهشاشة المؤسسة الأمنية والاستخبارية في جمع المعلومات ووضع الخطط قبل تنفيذ العدوان، مؤكدًا ضرورة النظر إلى توقيت سلسلة القرارات التي اتخذت عشية الحرب وخلالها.
وبرأيي أن هذا التقرير عن الحرب الصهيونية على غزة ألقى بتأثيراته الكبيرة على الأوضاع السياسية داخل الكيان الصهيوني، وقد يطيح بحكومة (نتنياهو) الفاشية، وإن صدى هذا التقرير الواسع أحدث ضجيجًا كبيرًا في أوساط النخب السياسية والإعلامية في الكيان، وأصبح مادة دسمة تناولتها وسائل الإعلام العبرية بحرية واسعة، واستخدمها المعارضون لنتنياهو والمطالبون بتنحيه عن الحكومة.
إن ضجيج تقرير إخفاقات الحرب على غزة وفضائح (نتنياهو) المدوية، والتحديات الصعبة أمام نتنياهو وحكومته التي قد تطيح به في أية لحظة؛ هذه الظروف الصعبة أمام (نتنياهو) قد تؤخر قرار الحرب أو المعركة الجديدة مع قطاع غزة، لأن الظروف في الكيان أصبحت غير ملائمة لخوض حرب جديدة مع القطاع بعد إعلان الإخفاقات الكبيرة للجيش الصهيوني في الحرب الأخيرة، والفشل الذريع للمجلس الصهيوني المصغر في تحديد القرارات، وحماية الجبهة الداخلية في الكيان الصهيوني.
أمام الفضائح الكبيرة التي تواجه (نتنياهو) سيعمل على تحسين صورته، وإنقاذ حكومته من الفشل الذريع في التعامل مع آثار تقرير إخفاقات الحرب، وربما يتوجه إلى تشكيل حكومة جديدة مع رئيس كتلة المعارضة في الكيان حزب المعسكر الصهيوني (هرتسوغ)، وذلك من أجل الخروج من المأزق السياسي الذي يعيش فيه على إثر التقرير وفضائح الفساد المالي التي طالته، وسيواصل (نتنياهو) دعم المستوطنين في بناء البؤر الاستيطانية، الأمر الذي يجلب له دعم المستوطنين، ويدمر مشروع حل الدولتين مع الفلسطينيين.
إن المعركة مع غزة ستبقى هذه الأيام بعيدة عن أفكار (نتنياهو) الإجرامية، وسيعمل على حل مشاكله وتخليص نفسه من الأزمات التي تواجهه قبل التفكير في حرب جديدة مع القطاع، لذا إن قرار الحرب على غزة لن يقدم عليه (نتنياهو) وهو في حالة من الضعف والهوان.