يتابع الإسرائيليون التطورات الداخلية الفلسطينية، خاصة فيما يتعلق بالانتخابات، التي لم تجرِ منذ العام 2006، وتركز المتابعة الإسرائيلية على توجهات الشارع الفلسطيني الذي يراقب ردود فعل التيارات الفلسطينية المتنافسة في الساحة الفلسطينية، ومعرفة مدى تحمسها لإجراء هذه الانتخابات، رغم أنها جميعا ترحب بها.
ترى بعض القراءات الإسرائيلية، أن المشهد الأكثر غرابة في التداول الفلسطيني لموضوع الانتخابات أن المعسكر الأكثر رفضًا لها هو من دعا إليها، وهو أبو مازن، لأنه يبدو غريبا أن يكون بحاجة إليها، فاستطلاعات الرأي لا تشجعه على ذلك، وسط تراجع شعبيته بين الفلسطينيين.
أما حماس، استمرارًا للقراءة الإسرائيلية، فقد رحبت بإجراء الانتخابات، لأنها قد ترى فيها فرصة لتجديد شرعيتها الديمقراطية، والهروب من المشاكل الاقتصادية والمعيشية، ومناسبة ملائمة لإعادة التفويض للسلطة الفلسطينية لإدارة شؤون الأراضي الفلسطينية، لا سيما المشاكل المالية، وإعادة إعمار البنى التحتية، رغم وجود من ليس متشجعا لهذه الانتخابات خشية خسارة الحركة لسيطرتها على غزة.
انتهت هذه المواقف الفلسطينية بإلقاء حماس للكرة في ملعب عباس، والآن بإمكاننا الانتظار لمعرفة كيف سيتصرف للخروج من هذا المأزق؟ فبين يديه ثلاثة أوراق للخروج منها، الأولى اتهام حماس، بحيث يقول إن الانتخابات تتطلب نزع سلاحها، وفي حال رفضت، كما هو متوقع، فلن يكون بالإمكان إجراء الانتخابات.
أما الورقة الثانية فهي اتهام إسرائيل برفض إجراء الانتخابات في شرقي القدس، خشية اعتبار ذلك فرضا للسيادة الفلسطينية عليها، وفي حال صدر الموقف الإسرائيلي بهذا الشكل، فسيكون مبررا من وجهة نظر عباس لعدم إجراء الانتخابات.
الورقة الثالثة تتمثل باستغلال الفجوات الزمنية بين الدورات الانتخابية، الأولى البرلمانية، وبعد ثلاثة شهور الرئاسية، وفي حال عبرت نتائج الانتخابات الأولى عن ميول تخالف توقعات السلطة الفلسطينية، فلن تيأس من العثور على طريقة لإلغاء الانتخابات الرئاسية.
تستخلص القراءة الإسرائيلية من استعراض هذه المواقف أن حماس نجحت بإلقاء كل هذه الأعباء لأيدي عباس، وهو دون أن يعلن ذلك علانية، ألقى الكرة في الملعب الإسرائيلي، بأنها دأبت على رفض إجراء أي انتخابات فلسطينية في شرقي القدس، رغم أنها أبقت لنفسها هامشا للمناورة فيه.
مع العلم أن الموافقة الإسرائيلية على إجراء الانتخابات في شرقي القدس ستعطي الفلسطينيين دافعا لاستمرار رفض الاحتلال، وفي الوقت ذاته قد تخيب آمال عباس، وتنزع منه ورقة رفض إجراء الانتخابات، لذلك يبدو مثيرا تعقب خطوات عباس، والتعرف إلى إدارته لهذه القضية، والخروج منها بأقل الخسائر.. لننتظر ونرى!