فلسطين أون لاين

السياسة الإسرائيلية تجاه غزة.. إخفاق يرتقي إلى فشل!

يبدي الإسرائيليون، أو معظمهم على الأقل، قناعات متزايدة بأن الوضع القائم في غزة اليوم لا يعبر عن إخفاق إسرائيلي ما، بل فشل قومي بامتياز، بزعم أن الحل المطلوب لغزة يجب أن يحصل من خلال الدمج بين عدة وسائل في الوقت ذاته على المدى البعيد، وإحداث تغيير جوهري لدى الفلسطينيين.

إن التغيير المأمول لدى حماس بصفة خاصة، كما يأمله الإسرائيليون قد يؤدي لثلاث نتائج حاسمة: أولها تمدين حماس، وإبعادها عن العسكرة، وثانيها نزع سلاح غزة تدريجيا، خاصة من القذائف الصاروخية، وثالثها تنمية اقتصادية لكل القطاع، بإزالة تدريجية للحصار المفروض عليها، وفتح المجال أمام العمال الفلسطينيين في إسرائيل، وترميم البنى التحتية.

هذه الفرضية الإسرائيلية المتفائلة، وإن كانت حالمة أو متخيلة، لكنها تهون كثيرا عن دعوات إسرائيلية أخرى تطالب بإيجاد حلول سحرية للواقع الماثل في القطاع، وتحمل بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة المسؤولية عن عدم إيجاد هذه الحلول بعد عشر سنوات من وجوده في السلطة، واتهامه بأنه لم يقُم بالحد الأدنى لوقف تهديد غزة عن التنامي والتعاظم.

ليس سراً أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة لم تنجح بفرض أي اتفاق على المقاومة الفلسطينية، أو أن تجعل من اتفاق وقف إطلاق النار أمرا دائما، لأنها تفضل صيغة التوصل إلى هدنة من أجل أن تأخذ قسطا من الراحة؛ كي تتعافى، وترمم قدراتها بعد الضربات العسكرية التي تلقتها، استعدادا لجولة أخرى من المواجهة، على اعتبار أن هذا ديدن العلاقة بين الشعب المحتل، والاحتلال الجاثم على صدره.

مع العلم أن ذات القناعات الإسرائيلية ترى أن أي اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، ولو جاء من خلال مؤتمر أو قمة دولية، لن تخدم المصالح الإسرائيلية، وإنما ستعود بالفائدة على حماس، وقد عاش الإسرائيليون مثل هذه المواقف مرات عديدة أمام الحركة، ولم يتبقَّ أمامها سوى حل وحيد لا ثاني له، ويتمثل بإعادة احتلال غزة، والسيطرة المطلقة عليها على المدى البعيد، أو نقل مسؤوليته للسلطة الفلسطينية.

المشكلة المعضلة بهذا الخيار أن السلطة، وفق الفهم الإسرائيلي، حين تعود تحكم غزة، ستكرر خسارتها أمام حماس من جديد، وهو ما لا يريده الإسرائيليون، الذين يحملون السبب في مشكلة غزة لأريئيل شارون، حين انسحب منها، وبالتالي فإن جميع رؤساء أركان الجيش منذ 2005 يتشاركون في المسؤولية عن استمرارها، لأنهم شركاء باتخاذ القرارات الأمنية والعسكرية التي بحثت مستقبل القطاع، والعمليات العسكرية التي شهدها، والطرق المطروحة للتصدي لحماس، بعد إدارتها لشئون القطاع في 2007 خلال حقبة إيهود أولمرت.