فلسطين أون لاين

مرامي زيادة الحديث الإسرائيلي عن التسهيلات في غزة

فور انتهاء جولة العدوان الإسرائيلي على غزة، كشفت الأوساط الإسرائيلية أنّ الجيش وجهاز الأمن العام- الشاباك أوصيا الحكومة بمنح تسهيلات اقتصاديّة لغزّة، وأنّ وزير الحرب نفتالي بينيت يدعم ذلك بشكل إيجابيّ.

وقد سمحت إسرائيل بدخول عشرات شاحنات الوقود لغزّة، ووسّعت مساحة الصيد فيها، وأعادت العمل لمعابرها الحدوديّة، مع العلم أن الفلسطينيين يرون في رفع الحصار عن غزّة مطلبا وطنيا متوافقا عليه، وإسرائيل مسؤولة عن استمراره، لأنّه يعمّق الأزمة الإنسانيّة في القطاع، ويوفّر البيئة الخصبة لاستمرار التوتّر.

كما أن التسهيلات المتوقعة لغزة استحقاق متفق عليه في التفاهمات الإنسانية التي توصلت إليها المقاومة والاحتلال بوساطة مصر وقطر والأمم المتحدة منذ أكتوبر 2018، وليس مرتبطة بالعدوان الأخير على غزة، وموقف حماس منه، الفلسطينيون يترقبون تحول هذه الوعود الإسرائيلية بالتخفيف عن غزة إلى واقع على الأرض.

تبدي المقاومة كثيرا من الحذر في الحديث الإسرائيلي عن منح غزة ما تعتبره "جزرة"، إلى حين مواءمة الظروف لاستخدام "العصا" معها، مع أن بقاء قوّة حماس وتعاظمها العسكريّ يقلّلان احتمال تقديم تسهيلات إسرائيلية كبيرة تجاه غزّة.

كما أن حماس قد لا تقبل بالاعتماد على وعود إسرائيليّة غير جادّة، خشية أن تقع تحت دائرة الترويض البطيء للقبول بالواقع القائم في غزّة، وإسرائيل تعلم أنّ حماس قد تتّخذ قراراً حاسماً قريباً لإنهاء الحصار كليّاً عن غزّة، وأنّ تحييدها عن المواجهة الأخيرة هو استثناء، وليس قاعدة.

يمكن اعتبار التسهيلات الإسرائيليّة تجاه غزّة إغراء للمقاومة للاستمرار بضبط النفس وعدم خوض أيّ تصعيد عسكريّ مقبل، لكنّ ذلك قد لا يتحقّق لسببين: الأوّل، استمرار التهديدات المتبادلة بينهما، واقتناع حماس بأنّ إسرائيل تتجهّز للانقضاض عليها، والثاني ما تعيشه إسرائيل من أزمة سياسيّة مستفحلة نظراً لعدم تشكيل حكومة جديدة والتحضير لانتخابات ثالثة في عام 2020، ممّا سيجعل الحكومة القائمة عاجزة عن تنفيذ تسهيلات جوهريّة تجاه غزّة.

مع العلم أن التسهيلات الإسرائيليّة هي إجراءات مجتزأة ولا تحقّق الرفع الكامل للحصار، أو إحداث اختراق حقيقيّ للواقع الصعب في غزّة.

تراقب حماس غضب الفلسطينيّين في غزّة بسبب ضيق الظروف المعيشيّة وعدم وجود بوادر لانفراجة اقتصاديّة جادّة، الأمر الذي يجعلها تتجنّب خوض مواجهة عسكريّة واسعة مع إسرائيل، خشية زيادة سوء الظروف السيّئة أصلاً في غزّة.

هذا يعني أنّ حماس قد تبادر في مرّة مقبلة إلى خوض مواجهة مع إسرائيل إن شعرت بأنّها تماطل في تنفيذ وعودها، وأنّ تسهيلاتها المعلنة ليست سوى حقن مسكّنة ليس أكثر، من دون رفع جذريّ للحصار القائم.