تعتقد الأحزاب الإسرائيلية أن الضفة الغربية هي ساحة الصراع الحقيقية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وستكون حاضرة في الدعاية الانتخابية لمختلف القوائم الحزبية الإسرائيلية، لا سيما في أوساط اليمين.
وقد اجتهدت حكومة اليمين الإسرائيلي في دورتيها الأخيرتين بعد انتخابات أبريل وسبتمبر بتثبيت المزيد من الوقائع السياسية والميدانية على الأرض في الضفة الغربية، بدءاً بإقامة المزيد من النقاط الاستيطانية، مرورًا بترسيخ معالم السيطرة الإسرائيلية، الأمنية والمدنية، وصولًا لتبديد ما تبقى من السيادة الفلسطينية، حتى على مناطق "أ"، وانتهاء بفرض القانون الإسرائيلي على المستوطنين هناك.
اليوم تبدو الضفة الغربية في عين العاصفة الحزبية والسياسية الإسرائيلية، ومن المتوقع أن تركز دعايتها الانتخابية على أن العنوان الانتخابي الأهم لليمين الإسرائيلي ممثلا بالليكود والمتدينين هو ضم الضفة الغربية عموماً، خاصة التجمعات الاستيطانية، واعتبارها مناطق إسرائيلية بحتة، لا محتلة ولا متنازع عليها مع الفلسطينيين، وما يشمله ذلك من عدم التنازل عن أي جزء من الضفة، تحت أي مشروع سلام قادم.
في حين أنّ يمين الوسط الإسرائيلي، ممثلا بحزب أزرق-أبيض وحزب العمل، لا يختلف في رؤاه للضفة الغربية عن توجهات اليمين المتطرف، وإنّ كان يحاول تسويق صورته من خلال الموافقة على إقامة دولة فلسطينية في الضفة، ولكن ليس على كل الضفة، بل بعض أجزائها، مع إبقاء السيطرة الأمنية الكاملة عليها، وألا يكون لها حدود مستقلة مع الدول المجاورة.
أما ما تبقى من اليسار الإسرائيلي فيقدم توجّهاته القديمة الجديدة الخاصة بالانسحاب من الضفة، والعودة لحدود عام 1967، تحقيقًا لمبدأ حل الدولتين، مع وجود ضمانات أمنية بألا يكون ذلك سببا بتعريض أمن إسرائيل للخطر، وهي مواقف لا تحظى بتأييد قطاعات واسعة من الإسرائيليين، الذين ينزاحون يمينا عقب كل دورة انتخابية.
يتراوح الرأي العام الإسرائيلي مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي في نظرته للضفة الغربية بين اليمين والوسط، وملخصها الإبقاء عليها تحت السيطرة الإسرائيلية، سواء الأمنية أو المدنية، والموافقة تحت ضغوط دولية على إقامة حكم ذاتي أو ما يسميها الإسرائيليون "دولة ماينوس".
الأسابيع القليلة القادمة التي تسبق ذهاب الإسرائيليين لصناديق الاقتراع في مارس 2020 من المتوقع أن تشهد مزيدا من الاقتحامات الأمنية الإسرائيلية للضفة الغربية، للظهور بمظهر الممسك بزمام المبادرة الأمنية هناك، وعدم الاعتماد على أي طرف آخر في حفظ أمن المستوطنين، مع أنه لا يمكن فصل هذا الأداء الأمني والعسكري عن الحملات الانتخابية حامية الوطيس، في ظل أن المستوطنات الإسرائيلية ذاتها ستكون مسرحا لدعاية انتخابية تؤكد على الاحتفاظ بها، وعدم التنازل عنها.