كشف التلفزيون الإسرائيلي أنّ الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب رفض طلباً لرئيس الحكومة الإسرائيليّة بنيامين نتنياهو لنقل أموال لأجهزة أمن السلطة الفلسطينيّة، بقيمة 12 مليون دولار، كجزء من مساعداتها الإجمالية المقدمة للسلطة.
ورغم أن مسئولي الخارجية الأمريكية أوصوا ترامب بأنّ هذه المساعدات الماليّة للأمن الفلسطينيّ ستعزز التنسيق الأمنيّ الفلسطينيّ-الإسرائيليّ، ووقف أيّ هجمات فلسطينيّة مسلّحة ضدّ (إسرائيل)، فإنه ردّ بقوله: "إن كان نقل الأموال إلى السلطة مهمّاً لنتنياهو، فليدفعها من جيبه".
منذ فبراير توقفت المساعدات الماليّة الأميركيّة لأجهزة الأمن الفلسطينيّة، مع أن موازنتها تأتي من الموازنة العامة للسلطة، أو الدعم الأمريكي البالغ 60 مليون دولار سنويا، لكن السلطة تعيش أزمة ماليّة خانقة، ما ترك تأثيراته السلبية على نفقات الأجهزة الأمنية، ما يلقي بظلاله السلبيّة على الوضع الأمنيّ بالضفّة الغربيّة، ويقلق الفلسطينيّين والإسرائيليّين.
يتزامن هذا الكشف عن الرفض الأميركيّ لاستئناف الدعم الماليّ للأمن الفلسطينيّ مع حدثين مهمّين، أوّلهما إشادة التقرير السنويّ لوزارة الخارجيّة الأميركيّة بأداء أجهزة الأمن الفلسطينيّة لمكافحة التنظيمات المسلحة بالضفّة الغربيّة، وفرض قيود على قدرة حماس والمنظّمات الفلسطينيّة على شنّ هجمات ضدّ (إسرائيل)، عبر اعتقال أعضائها.
والحدث الثاني زيارة رئيس جهاز المخابرات العامّة الفلسطينيّة اللواء ماجد فرج لواشنطن، التقى فيها نائب مدير وكالة الاستخبارات المركزيّة CIA جون بيشوب ومسؤولين آخرين فيها، ناقش خلالها تنسيقهما الأمنيّ، وسبل مواصلة تدريب أجهزة الأمن الفلسطينيّة وتأهيلها.
تعد السلطة رفض ترامب دعم أجهزتها الأمنية لأنه يستمع لنصائح فريقه الملتزم بالموقف اليمينيّ الإسرائيليّ، وأنّ الطلب الإسرائيليّ من ترامب تحويل الأموال اللازمة للأمن الفلسطينيّ يأتي في إطار البحث الإسرائيليّ عن مصالحه الأمنيّة بالضفّة الغربيّة".
رغم استمرار وقف الدعم الماليّ الأميركيّ لأجهزة الأمن الفلسطينيّة، فإن الرئيس عبّاس يعطي أولويّة لدعمها، ويمنحها أفضليّة على تقديم الأموال إليها، في ظل الأزمة الماليّة للسلطة، من خلال منحها موازنات مالية إضافية على حساب وزارات وجهات حكومية أخرى، فهو يعلم أنّ بقاء السلطة مرهون بحفظها للأمن في الضفّة الغربيّة، ما يحقّق مصلحة أمنيّة إسرائيليّة-أميركيّة في النهاية.
إنّ الرفض الأميركيّ لاستئناف الدعم الماليّ للأمن الفلسطينيّ ليس مفاجئاً، فترامب ينطلق في تعامله مع الفلسطينيّين من منطق عدوانيّ، بعيداً عن المصالح الأميركيّة والإسرائيليّة، وليس مفاجئاً أيضاً طلب (إسرائيل) من واشنطن إعادة دعم الأمن الفلسطينيّ، لأنّه يحقّق مصلحتها، فـ(إسرائيل) حريصة على عدم انهيار الوضع الأمنيّ بالضفّة الغربيّة، وإبقائه تحت السيطرة، والسلطة تثق بدور الكونغرس والـ"سي آي إيه" والبنتاغون في ممارسة الضغط على ترامب للتراجع عن قراره، الذي لن يبقى حتّى إشعار آخر.