بعد أيام قليلة يحيي ذوو الإعاقة اليوم الدولي لهم، الذي يوافق الثالث من كانون الأول (ديسمبر) من كل عام.
وتأتي هذه المناسبة العالمية العام الجاري 2019م في أحوال صعبة يعيش فيها الأشخاص ذوو الإعاقة الفلسطينيون، مع غياب واضح للمبادئ التي من أجلها خصص لهم هذا اليوم، وهي الحفاظ على الكرامة والمساواة والعدالة والتضامن الاجتماعي.
وقد اعتمدت هذا اليوم للاحتفال به الجمعية العامة للأمم المتحدة، بموجب قرار رقم ثلاثة على سبعة وأربعين (3/47)، إذ ناشدت جميع الدول الأعضاء فيها للاحتفال من أجل العمل على زيادة دمج الأشخاص ذوي الإعاقة في مجتمعهم.
وقد تبنّت هيئة الأمم المتحدة منذ نشأتها موضوع كرامة الإنسان المتأصلة، وما يترتب عليها من مساواة، وحقوق لجميع البشر دون استثناء، وعدتها أساسًا للحرية، وأيضًا للعدالة، والسلام العالمي.
ففي هذا اليوم تبدأ الدول وضع خططها وإستراتيجياتها من أجل زيادة الخدمات والبرامج التي تقدمها للأشخاص ذوي الإعاقة، وتحسين جودة الحياة لهم، وتقديم التسهيلات كافة من أجل حماية وتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة في مجتمعاتهم.
ووضعت الأمم المتحدة أهدافًا خاصة وواضحة للاحتفال بهذا اليوم، وتتمثل هذه الأهداف في مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة في مجتمعهم مشاركة فعالة وكاملة غير منقوصة، وأيضًا في الخطط والبرامج التنموية، من طريق برنامج العمل العالمي الذي يجب أن تُطبقه وزارة الصحة، والمتعلق بالأشخاص ذوي الإعاقة من حيث التوعية الشاملة بحقوقهم الصحية على الصعيد الشخصي والعائلي والخدمات التي تُمنح لهم بالمجان، خاصة رزمة الخدمات المقدمة (بطاقة المعاق) في الحقوق كافة في المأكل والمشرب والملبس والمسكن والزواج والصحة والعمل والترفيه والمشاركة السياسية، ما يعكس جودة الحياة لهم التي أكدتها منظمة الصحة العالمية من أجل تيسير حياة الأشخاص ذوي الإعاقة المعيشية.
ومن الأهداف التي وضعتها هيئة الأمم المتحدة لليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة توعية وترسيخ مفهوم تكافؤ الفرص بين الأشخاص ذوي الإعاقة وأقرانهم، مهما اختلفت احتياجاتهم، أو أماكن سكنهم، أو جنسهم أو سنهم، فضلًا عن أن يوم الإعاقة العالمي مناسبة قوية للحث على إشراك الأشخاص ذوي الإعاقة في جميع برامج التنمية الشاملة والمستدامة في المجتمعات العالمية كافة.
من المعنيون؟
لقد حددت الجمعية العامة للأمم المتّحدة المعنيّين بإحياء يوم الأشخاص ذوي الإعاقة العالمي، وهم على النحو التالي: جميع الأشخاص ذوي الإعاقة، مهما اختلفت سنهم، أو نوع إعاقتهم، أو درجتها، وذوو الأشخاص ذوي الإعاقة وعائلاتهم، والمجتمع الذي يحيط بهم، وجميع العاملين في المجال الصحي، والاجتماعي، وجميع المؤسسات غير الحكومية، والمؤسسات الاجتماعية، والوسائل الإعلامية، وفئات المجتمع عامة.
وهنا يجب تأكيد أن يوم الأشخاص ذوي الإعاقة العالمي هو يوم ليس فقط للاحتفال وسط أجواء الخطابات والبرامج المتلفزة والتقاط الصور التذكارية وما إلى هنالك، إنما هو يوم يخص الأصحاء أيضًا، للتفكير -ولو قليلًا- بالأشخاص ذوي الإعاقة، ومحاولة المساعدة كل حسب إمكاناته وطاقته، وتذكير السياسيين وصناع القرار بضرورة الالتفات إلى حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة كل أنواعها ومسمياتها.
في هذا اليوم المخصص للأشخاص ذوي الإعاقة يجب الحث كذلك على إشراك الأشخاص ذوي الإعاقة في جميع برامج التنمية، وتحقيق أهدافها المستدامة في الحد من أوجه عدم المساواة والحياة تحت الماء والحياة في البر والسلام والعدل والمؤسسات القوية والصحة الجيدة والرفاهية والصناعة والابتكار والهياكل الأساسية والعمل اللائق وخلق فرص العمل، إذ لا تتجاوز نسبة العاملين من الأشخاص ذوي الإعاقة في الضفة الغربية وقطاع غزة 2%، مع الإشارة إلى أن ذوي الإعاقة الذين يعملون في قطاع غزة لا تتجاوز نسبتهم 0.66 % من إجمالي الأشخاص ذوي الإعاقة الذين ينطبق عليهم قانون العمل.
يا للأسف الشديد!، هناك عدم تفهم من صانعي القرار في السلطة الفلسطينية لأهمية تفعيل قانون حقوق المعوقين رقم 4 لعام 1999م، الذي يضمن تشغيل 5% من الأشخاص ذوي الإعاقة في المرافق الحكومية والأهلية والخاصة، ويضاف إلى ذلك عدم رغبة بعض المشغلين باستقطاب أشخاص من ذوي الإعاقة للعمل لديهم، وأن نظرة كثيرين إلى الأشخاص ذوي الإعاقة قاصرة وعاجزة عن استيعابهم.
ويضع الاحتلال العراقل والحواجز في الضفة الغربية أمام وصول ذوي الإعاقة إلى أماكن العمل، والتنقل من محافظة إلى أخرى.
وإن غياب الاستقرار الاقتصادي في قطاع غزة والعمل المناخي، وازدياد نسبتي الفقر والبطالة، بفعل العدوانات المتكررة التي يشنها الاحتلال، والحصار الذي يفرضه على قطاع غزة؛ أديا إلى أن تكون أكثر شرائح المجتمع فقرًا هي شريحة الأشخاص ذوي الإعاقة، كل هذه الأمور وغيرها أدت إلى غياب حقيقي لأهداف التنمية المستدامة التي يجب أن تتحقق.