فلسطين أون لاين

تقرير الأسير نائل البرغوثي.. 40 عامًا من القهر

...
سيدة فلسطينية ترفع صورة الأسير البرغوثي (إرشيف)
غزة/ أحمد المصري:

اعتقلت قوات الاحتلال في أبريل/ نيسان 1978 الشاب الفلسطيني نائل البرغوثي من منزله في قرية كوبر شمالي رام الله بالضفة الغربية، واتهمته بقتل أحد جنودها، وحكمت عليه بالسجن المؤبد، وهو اليوم يدخل عامه الأربعين في الأسر لتكون المدة التي قضاها أطول مدة يقضيها أسير فلسطيني في سجون الاحتلال.

البرغوثي رفضت سلطات الاحتلال الإفراج عنه رغم مرور العديد من صفقات التبادل والإفراجات التي تمت في إطار المفاوضات، وخلال سنوات اعتقاله، فقد نائل البرغوثي والديه وتوالت أجيال، وهو داخل الأسر.

الأسير المحرر منصور ريان والذي أمضى 20 عامًا في الأسر، قضى منها سنوات عدة في نفس الغرفة والقسم والسجن الذي كان البرغوثي أسيرًا فيه، يصف سنوات أسر "البرغوثي" بسنوات "القهر".

ويلفت ريان الانتباه إلى أن اليوم الذي يمضيه الأسير الفلسطيني داخل الأسر بمثابة شهر، والشهر بمثابة عام، وشعور الـ40 عامًا في نفسِ البرغوثي وأي أسير آخر بمثابة ألف عام مكتملات.

ويشير إلى أن الـ40 عاما من عُمر البرغوثي في قلاع الأسر، ليست أرقامًا وسنوات عابرة، إذ إنها سنوات يعيش فيها على مدار الساعة في طوارئ، حيث الاقتحامات، والطرق على الشبابيك، والتفتيش العاري، والإهانة، مما يعيش الأسير على إثرها مشدود الأعصاب.

ويضيف: "الأسير البرغوثي قارب عمره من السبعينات، وهو حتى اللحظة يفتش عاريا، ويقيد معصمه، ويضرب من قبل سجان لا يحترم صغيرا ولا كبيرا"، مكملا "40 سنة من الإجرام التي يرتكبها الاحتلال بحق البرغوثي دون أن يهتز ضمير العالم".

وطالب ريان وفي ظل معاناة وقهر البرغوثي أن تتضافر الجهود، للضغط بكل الطرق والسبل المتاحة للإفراج عنه، وبقية الأسرى سيما الأسرى القدامى.

أما الأسير المحرر فؤاد الرازم والذي قضى في سجون الاحتلال 31 عامًا متواصلًا، فيقول إن البرغوثي حالة فريدة، يسطر أروع آيات البطولة والثبات في سجون الاحتلال، رغم ظروف القهر والمعاناة التي يفرضها الأخير عليه.

ويشير الرازم إلى أن مدة 40 عاما، خرج خلالها أكثر من جيل، وبدأت أحداث عظيمة وانتهت، ودخل الأسر أسرى وانتهت مدة محكوميتهم، أو أخرجوا عبر صفقة، غير أنّ رسم الحياة لم يتغير على "البرغوثي" وبقي الحال كما هو عليه.

ويضيف: "لا أستطيع رغم أني خضت تجربة الأسر لمدة 31 عامًا، أنّ أعبر بالكلمات والأحاسيس، عن هذه السنوات الطوال التي يقضيها البرغوثي في أسره، وكيف يعيش ويصبر في ظل همجية السجان وقوانينه، واقتحاماته، وسوء التغذية، ومكان العيش غير الصحي الذي يشبه القبور المعتمة".

ويشدد على أن قضية الأسير البرغوثي، تؤكد وجود تقصير على الصعيد الفلسطيني تجاهه، وتجاه الأسرى الذين أمضوا أكثر من 30 عاما في الأسر، داعيا إلى وقفة جادة من السلطة والفصائل تجاه هذه القضية، والعمل على تحريرهم بكل الطرق والوسائل التي يكفلها القانون الدولي.

الأسير المحرر نافذ حرز، والذي قضى 26 عاما هو الآخر في الأسر، وحكم عليه الاحتلال بالمؤبد، فيقول أنه اعتقل عام 1985، وأفرج عنه ضمن أسرى صفقة "وفاء الأحرار" عام 2011، وعلى طول هذه السنوات الطويلة لا يزال البرغوثي "أسيرًا".

ويشدد حرز على أن "40 عاماً ليست مجرد رقم عادي، إذ أنه يحمل فصولا من الألم والمعاناة والقهر والتعب وامتهان الكرامة، والإذلال، والأكل السيئ، والتفيش العاري، والحرمان من أبسط الحقوق".

ويؤكد أن الأسرى أنفسهم وهم في قلاع الأسر يحدثون أنفسهم عن قدرة زملائهم الأسرى الذين قضوا أكثر من (30 عامًا) في الأسر على الصبر والتحمّل متنقلاً من سجن لآخر، داعيًا إلى حمل قضية الأسرى القدامى إلى المحافل الدولية، وفضح جريمة الاحتلال بحقهم.

في سياقٍ متصل، قال ممثل حركة حماس في لجنة الأسرى للقوى الوطنية والإسلامية قطاع غزة محمد دبابش: "إن دولة الاحتلال الإسرائيلي ترتكب جريمة إنسانية باعتقال الأسير القائد نائل البرغوثي".

وكانت قوات الاحتلال قد أعادت اعتقال البرغوثي، بعد مدة قصيرة من تحرره في صفقة وفاء الأحرار.

وأضاف دبابش: "إن بقاء البرغوثي في سجون الاحتلال مدة (40) عامًا يعني انهيارًا واضحًا في المنظومة الدولية الإنسانية والحقوقية والأخلاقية، وهي كافية جدًّا لإسقاط كل الحكومات ومن يتربعون على كراسي الدفاع عن حقوق الإنسان، وسوف تبقى كل الشعارات والحريات مقيدة ما دام البرغوثي وزملاؤه الأسرى رهنًا وفريسة للاحتلال".

ودعا لإطلاق حملة فلسطينية وعربية ودولية للضغط على الاحتلال وإلزامه بالإفراج عن الأسير البرغوثي، مشددًا على أهمية الارتقاء بالعمل الإسنادي لدعم وإسناد الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال، وعلى رأسهم القدامى والمرضى وكبار السن والأطفال والأسيرات الماجدات.