فلسطين أون لاين

دوافع سياسية ودعائية وراء مقاضاة المستوطنين حركة حماس

...
الناصرة-غزة/ أحمد المصري:

لجأت أمس، خمس عائلات لقتلى إسرائيليين في عمليات نفذها مقاومون فلسطينيون، إلى محكمة الاحتلال المركزية في مدينة القدس المحتلة، لرفع دعوى "قضائية مدنية" بقيمة 500 مليون شيقل (144 مليون دولار) ضد قادة حماس في قطاع غزة.

هذه الدعوى يرى خبيران دبلوماسيان فلسطينيان أن دوافعها سياسية ومالية ودعائية، إلى جانب خلق حالة ضغط جديدة على قطاع غزة، مع قلب الحقائق بإظهار مستوطني الاحتلال بمظهر ضحية المقاومة الفلسطينية.

ووفق المعطيات المنشورة حول الدعوى وفقًا لموقع "تايمز أوف إسرائيل" تتضمن أيضًا أسماء لثلاثة فلسطينيين بتهمة "تحويل الأموال من إيران إلى القطاع للمساعدة بتمويل العمليات الفدائية".

في حين قالت محامية المستوطنين الإسرائيليين المدعين في المحكمة "نيتسانا درشان-ليتنر": "إنها معركة لا تنتهي، لكن الطريقة الوحيدة لإضعاف (الإرهابيين الفلسطينيين) عبر استهداف مصادر تمويلهم".

ويؤكد الخبير في الشأن السياسي والدبلوماسي السابق، محمود العجرمي، إنّ الهدف من هذه الدعوى لا يخرج عن كونه هدفًا سياسيًّا ودعائيًّا بحتًا.

وأشار العجرمي إلى أنّ الاحتلال لا ينظر إلى أهمية المردود المالي والتعويضي الممكن استقطاعه عبر هذه القضية بقدر ما يحقق من عملية تشويه لصورة الشعب الفلسطيني ومقاومته، وصبغها بالإرهاب، وهو المصطلح الذي يجد تأثيرًا نافذًا لدى المجتمعات الغربية.

ويضيف: "دائمًا الاحتلال بعد افتضاح جرائمه وتصاعد رائحته حتى بين حلفائه في المجتمع الغربي يحاول أن يقدم نفسه على أنه ضحية، فيلجأ إلى مثل هذه الخطوات المغلفة بشكليات القضاء والقانون".

ورأى العجرمي أن المستوطنين من ذوي القتلى قد دفعوا من قبل سلطات الاحتلال دفعًا من أجل تقديم هذه الدعوى القضائية، في محاولة يائسة لقلب الصورة، التي أصلها أنهم محتلون ومعتدون على شعبنا، ومقدساته ليل نهار.

وأوضح أنّ الاحتلال يسعى إلى تغيير الصورة النمطية وتغيير صفحات تاريخه السوداء، التي تصل إلى اقتراف المئات من المجازر، والتي لن تكون آخرها مجزرة عائلة "الملحوس السواركة" في المحافظة الوسطى خلال العدوان الأخير على قطاع غزة.

والدعوى القضائية الإسرائيلية هي الأولى وفق مراقبين التي تقام محليًّا ضد حماس، غير أن دعاوى وشكاوى عدة أقدم الاحتلال ومستوطنيه على تقديمها في محافل دولية ضد الحركة، وقيادتها كما كان عام 2017 ضد رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية.

أسباب سياسية ومالية

ورأى أستاذ العلاقات الدولية والدبلوماسية في جامعة النجاح د. رائد بدوية، أنّ أسبابًا سياسية ومالية معًا تعود وراء هذه الدعوى القضائية ضد حماس.

وفسر بدوية ذلك برغبة الاحتلال الإسرائيلي بشرعنة مصادرة أموال القطاع الخاص والأهلي، ووقف نشاط التحويلات المالية وعمل بعض مكاتب الصرافة، بل ومصادرة أموالها تحت حجة تمويل "جماعات إرهابية".

وأوضح أن الاحتلال يحاول اللعب على وتيرة هذه الدعوى للتضييق على قوى وفصائل المقاومة بغزة، على اعتباره الرافد الحيوي للتسلح، التي أشارت إليه صراحة محامية المستوطنين "ليتنر" بأنها طريقة لإضعاف من وصفتهم بـ(الإرهابيين).

ونبه بدوية إلى أن الاحتلال من الممكن في حال أقرت المحكمة بأحقية التعويض، أن يلجأ إلى التجار الفلسطينيين من غزة، أو حتى أموال المقاصة، مما يصل في نهاية المطاف لتشكيل رأي عام ناقم على المقاومة.

وفي الشق السياسي، تهدف دولة الاحتلال وفقا لبدوية إلى التغطية على الجرائم البشعة التي ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني وتجاوزت فيها حدود القوانين الإنسانية والحقوقية الدولية، والحديث عن كون مستوطنيها ضحايا، في وقت أن جرائم الإعدام والتصفية الجسدية لا تمر أياما قليلة دون اقترافها بحق شعبنا.