فلسطين أون لاين

بِمَ اختلف العدوان الإسرائيلي على غزة عمّا سبقه؟ 2-2

استكمالًا لقراءة الأمس حول فروقات العدوان الإسرائيلي الحالي عن جولات عدوانية سابقة، يظهر الفرق الرابع متمثلا بالمشهد الإسرائيلي، فالكل يعلم أن الإسرائيليين منشغلون حتى أعناقهم بمشاورات تشكيل الحكومة الجديدة، بعد أن فشل نتنياهو بهذه المهمة، وتبقّت على خصمه غانتس أيام قليلة فقط على المهلة الزمنية الممنوحة له لإعلان نجاحه أو فشله بالمهمة ذاتها.

جاء الاغتيال الإسرائيلي في الدقيقة التسعين، فالرد الفلسطيني على العدوان، والرد الإسرائيلي على الرد الفلسطيني ربما كانا سيستغرقان هذه الأيام، ما يعني انقضاء هذه المهلة، وإعلان غانتس عن إخفاقه بتشكيل الحكومة، مع أنه فور الاغتيال أعلن مباركته له، وتجميد مشاوراته الحزبية، وفي هذه اللحظات يكون نتنياهو قد حقق أول أهدافه.

هنا يحق لكاتب السطور أن يتحدث بملء الفم أن هذا العدوان على غزة أمني عسكري، ولكن بطعم ومذاق انتخابي إسرائيلي، فما كشفه وزير الحرب السابق ليبرمان عن طلبه من نتنياهو العام الماضي اغتيال أبو العطا، لكنه رفض وتمنع، متسائلا: ماذا جد من ظروف حتى يوافق نتنياهو ذاته على الاغتيال؟ وكأنه يغمز بقناة المصالح الحزبية والشخصية للأخير للبقاء رئيسا للحكومة.

هذا الاتهام لم يقتصر على ليبرمان ذاته، بل إن أوساطا عديدة في المنظومة الحزبية الإسرائيلية وصلت لقناعات في هذا الاتجاه، لأنه كان واضحا منذ البداية أن نتنياهو الذي ينتظر تقديم لائحة اتهام ضده بالفساد، ويقضي ما تبقى من عمره في السجن، مستعد لأن يهدم المعبد فوق رؤوس الجميع، كي ينجو من ذلك، فجاء الاغتيال، والتصعيد في غزة، هدية من السماء له على طبق من ذهب.

الفرق الخامس في هذا التصعيد عن سابقه يتمثل بالرد الفلسطيني عليه، فقد تبع إعلان الاغتيال إطلاق رشقات وصليات صاروخية فلسطينية زادت على خمسمائة قذيفة خلال 48 ساعة فقط، شملت معظم المدن الإسرائيلية في الجنوب والوسط ومشارف القدس و(تل أبيب)، وأصابت حياة الإسرائيليين بالشلل الكامل، وعطلت الدراسة فيها للمرة الأولى منذ حرب الخليج 1991.

الحقيقة أن هناك توافقا هذه المرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، على غير العادة، بعدم الذهاب لحرب مفتوحة، ولكل أسبابه وظروفه الخاصة، مع أن الأمر مرهون بالسلوك العدواني الإسرائيلي الذي زادت شراسته في الساعات الأخيرة من العدوان باستهداف مركز للمدنيين الفلسطينيين، وقتلهم بصورة متعمدة في وسط وأنحاء غزة.

لقد بدأ العدوان الإسرائيلي باستهداف مطلقي القذائف، مرورا بضرب المقار العسكرية للفصائل، وصولا لقصف المنازل للمرة الأولى منذ 2014، وفي هذه الحالة لا أحد يضمن مآلات هذا التصعيد، وأين قد يصل، فالحروب بالعادة تندلع رغم أنف الجميع، وبعكس توجهاتهم ومصالحهم، فرغم التوصل لاتفاق التهدئة، لكن التوتر ما زال سيد الموقف!