فلسطين أون لاين

​الوحيد لوالديه من الذكور بعد خمس إناث

الجنين "تيم".. أصغر شهداء العدوان على غزة

...
صورة أرشيفية
غزة/ جمال غيث:

كانت أبواب الفرح المنتظر بولادة الطفل "تيّم" مفتوحة على مصراعيها في قلب والده محمد جودت أبو تيّم، لكنّ صواريخ الاحتلال التي انهمرت على قطاع غزة أغلقتها وأغرقت فؤاده وفؤاد زوجته بالحزن.

ولم يكن "تيّم" -وهو الاسم الذي كان الأب قد اختاره لجنينه- أكمل الشهر السادس بعد.

تيم كان ينعم بالأمن في رحم أمه ويستمع لنبضات قلبها وهمساتها وهي تتحدث إليه أن لا تقلق يا صغيري فأنت في مأمن، واللقاء بك بات قريبًا ولم يبق سوى ثلاثة أشهر لترى النور.

لكن ما إن خلدت الأم إلى نومها الأربعاء الماضي، وفق حديث زوجها، حتى استيقظت على صوت القصف والانفجارات القريبة من منزلها في بلدة بنى سهيلا شرق محافظة خان يونس جنوب قطاع غزة، لتصاب بحالة من الهلع الشديد.

ويقول أبو تيم لصحيفة "فلسطين": "بسبب الهلع الشديد الذي أصاب زوجتي نتيجة قصف الطيران الحربي التابع للاحتلال، قرب منزلنا؛ شعرت بألم شديدة في بطنها وظهرها، فنقلت في إثر ذلك إلى مستشفى أبو يوسف النجار بخان يونس جنوب القطاع".

"وصلت زوجتي إلى المستشفى وبعد إجراء الفحوص الطبية اللازمة لها قرر الأطباء إجراء عملية جراحية، لإجهاض الجنين الذي استشهد داخل رحمها" يتابع الأب المكلوم حديثه.

علامات الصدمة لا تزال ظاهرة على أبو تيم، الذي كان ينتظر طفله على أحر من الجمر، خاصة أن الله (عز وجل) رزقه خمس إناث، وهو كان ينتظر اللحظة التي يرى فيها نجله النور قريبًا.

ولم يحالف الحظ أبو تيم، التي حرصت حرصًا شديدًا طوال الشهور الماضية، ووفرت لها كل سبل الراحة لها كي تضع مولودها بسلام؛ ففزع الأم على بناتها الخمسة بسبب أصوات الانفجارات التي هزت المكان أدى إلى إجهاض جنينها.

ولما أبلغ أبو تيم بإجهاض بطفله الأول من الذكور الذي تحمله زوجته، فسرعان ما شعر بنوبة من الغضب والحزن الشديد، ليتساءل: "ما الذنب الذي اقترفه الجنين في رحم أمه؟!، وأين العالم من جرائم الاحتلال؟!، أما يكفي العذاب الذي عشناه على مدار أيام من جرائم ووحشية الاحتلال؟!".

ويوجه أبو تيم رسالة إلى الاحتلال الإسرائيلي الذي يحاول القضاء على المقاومة، قائلًا: "مهما قصفتم، ومهما حاولتم إخافتنا؛ فلن تستطيعوا إيقاف مقاومتنا حتى دحركم".

وفجّرت مشاهد والد الجنين وهو يحمله بين يديه أمام ثلاجات الموتى في المستشفى مشاعر الغضب والحزن لدى رواد مواقع التواصل الاجتماعي.

لكن أبو تيم لم يكن الضحية الوحيدة لعدوان الاحتلال الذي شنه منذ فجر الثلاثاء الماضي، فوفق إفادة وزارة الصحة في غزة، استشهد 34 مواطنًا وأصيب 111 آخرون بجراح مختلفة، منهم نساء وأطفال.

ومن ضمن هذه الحصيلة الإجمالية ثمانية شهداء، و12 مصابًا من عائلة واحدة.

وبحسب إحصائية للموقع الإلكتروني للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، بلغ عدد الأطفال الشهداء 2050، بين كانون الآخر (يناير) 2000م وحزيران (يونيو) 2018م.

وكانت أعمار الأطفال الشهداء كالآتي: 514 طفلًا من ثمانية أعوام فأقل، و354 بين 9 أعوام و12 عامًا، و585 بين 13 و15 عامًا، و597 بين 16 و17 عامًا، وفقًا لإفادة الحركة نفسها.

وتعج الذاكرة الفلسطينية بآلاف الأطفال الذين قتلتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي، ومنهم محمد أبو خضير الذي أحرقه المستوطنون حيًّا في أحراش مدينة القدس المحتلة سنة 2014م، والرضيعة إيمان حجو في قصف دبابات الاحتلال لخان يونس عشوائيًّا سنة 2001م، ومحمد الدرة الذي استهدفه جنود الاحتلال وهو يسير مع والده في شارع صلاح الدين بالقطاع سنة 2000م.