فلسطين أون لاين

بمَ اختلف العدوان الإسرائيلي على غزة عما سبقه؟ (1-2)

فعلتها إسرائيل أخيرًا، واستأنفت سياسة الاغتيالات التي استخدمتها آخر مرة في عدوانها على غزة في 2014، ما يعني أنها أرادت القيام بقفزة نوعية في مواجهتها مع الفلسطينيين، باغتيال القائد العسكري في الجهاد الإسلامي بهاء أبو العطا، ما فتح الباب واسعًا لجولة تصعيد جديدة، اختلفت عن سابقاتها من الجولات التي شهدها قطاع غزة منذ انتهاء تلك الحرب.

السؤال المطروح هو: لماذا أقدمت إسرائيل على الشروع في هذا العدوان بهذا المستوى العالي من الدموية؟ وكيف يمكن قراءة رد فعل المقاومة؟ وإلى أي حد ستلقي بظلالها على المشهد الإسرائيلي الداخلي، لا سيما والحراك الانتخابي وتشكيل الحكومة في ذروته؟

لعل الفرق الأول في هذه المواجهة أنها بدأت في الاغتيال المباشر في قلب غزة، وفي ساعات الفجر الأولى، والأخطر أن إسرائيل أعلنت مسؤوليتها عنه.

صحيح أن المخابرات الإسرائيلية أرسلت جملة تهديدات ضد الشهيد، وأن الفصائل الفلسطينية تعلم أنه على قائمة الاستهداف والاغتيال، لكن معرفة هذا الأمر شيء، والإقدام الإسرائيلي على تنفيذ الاغتيال شيء آخر، ذلك أنه -كما يسميه الفلسطينيون- "كسرٌ لقواعد الاشتباك" مع الاحتلال التي تم التوافق عليها منذ انتهاء الحرب الأخيرة في 2014م، ومع انطلاق مسيرات العودة على حدود غزة في مارس 2018م.

لا شك أن الاغتيال الإسرائيلي في وضح النهار يعيد للأذهان السلوك الإسرائيلي القديم الجديد الذي انتهجته في تصفية قادة المقاومة، وشهد ذروته في انتفاضة الأقصى باغتيال الصف الأول من القيادات السياسية والعسكرية دون استثناء.

الفرق الثاني في هذه الجولة أنها تتم في وقت تشتعل فيه المنطقة بتهديدات أمنية وتحديات عسكرية متلاحقة، وإسرائيل تعلم ذلك جيدًا، فهي تتحدث صباح مساء عن تشكل محور إقليمي، إضافة للمقاومة الفلسطينية، وقد توافقت هذه الأطراف مجتمعة على ما عرف بـ"توحيد الجبهات".

هذه الإستراتيجية المعلنة تفيد بأنه في حال تعرض أي من هذه الجهات لعدوان إسرائيلي، فإن باقي الحلفاء سينهضون للدفاع عنه، وصد العدوان، ولعل الاغتيال بهذا التوقيت يأتي اختبارًا إسرائيليًّا لمدى نضج هذا التحالف، وحقيقة هذه الإستراتيجية، التي دار حولها جدل فلسطيني واسع داخل أطر المقاومة الفلسطينية، بين مؤيد ومعارض.

الفرق الثالث أن هذا الاغتيال يترافق مع تسخين إسرائيلي لا تخطئه العين بإمكانية اندلاع مواجهة عسكرية شاملة في الجبهة الشمالية مع حزب الله، وهنا الخطورة التي يحملها قرار الاغتيال، فهل اطمأنت إسرائيل أنه سيمر وكأنه لم يكن؟ ويبقى التفرغ الإسرائيلي الحقيقي للجبهة الشمالية على أنها الأكثر كلفة والأخطر حجمًا وثقلًا، لكن تطورات الساعات التالية للاغتيال أثبتت خطأ تقدير الموقف الإسرائيلي.