فلسطين أون لاين

آخر الأخبار

(فيس بوك) و"نظراؤه".. وسائل للاتصال أم "الانفصال" الاجتماعي؟

...
غزة/ صفاء عاشور

مع اقترابنا من العقد الثالث من الألفية الثالثة 2020م لا يمكن لأي شخص كان أن ينكر التأثير الكبير للإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي على حياتنا بكل جوانبها، وهو إيجابي في كثير من الجوانب، وسلبي في أخرى.

ويبقى السؤال الذي لم يجب عنه بعض حتى الآن: هل كان الإنترنت ومواقع وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة التي موقعا (فيس بوك) و(تويتر) من أشهرها وسائل لتعزيز الاتصال، أم سببًا "للانفصال الاجتماعي"؟

الشابة إسلام الحصري ترى أن وسائل التواصل الاجتماعي لها ما لها وعليها ما عليها إذ تقول: "أصبحت حياتنا عبارة عن تكنولوجيا معاصرة فنحن نهنئ ونعزي ونواسي ونفرح ونناقش عبر وسائل التواصل".

لكن الحصري تضيف: "إن هذه الوسائل جمعتنا ببعضٍ، وفرقتنا عن بعض آخرين، إلا أن تأثيرها سلبي كبير، من وجهة نظري، لأنها غيَّبت تفاعل الروح الذي يعني الكثير ولا يظهر من وراء شاشات الحاسوب أو الجوال".

"وصحيح أنه أصبح بالإمكان تقريب البعيد بالصوت والصورة –تتابع كلامها- لكن هذه الوسائل أفقدتنا جهد البذل والتضحية لأننا اعتدنا واستسهلنا؛ فصارت كل المشاعر بلا قيمة، إضافة إلى أنها عرت الخصوصية وكانت سببًا في فضح الكثير من الأفراد على المستوى الشخصي".

وتشير آسفة إلى أن هذه الوسائل ربت في كثير من الأشخاص العزلة وحب الانفراد بالذات دون الاندماج في المحيطين بهم، ما زاد قطع الروابط أكثر، مستدركةً: "يبقى الخيط الضعيف في فائدة نشر الأفكار الإيجابية، ونقل أكبر للخبرات والفوائد من طريق هذه الوسائل".

أما الغزي بلال فتحي فيؤكد أن الإنترنت ساهم في تقريب البعيد، ولكنه في الوقت ذاته أبعد القريب، موضحًا أن الانسان يقضي ساعات طوالًا يتصفح وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، فيتواصل مع البعيد من طريق المحادثات أو التعليقات على المنشورات، ويعرف أخبار الجميع من طريق هذه المواقع من زواج، وخطوبة، ومولود جديد، ووفاة، وتخرج، وغيرها.

وفي حديث إلى صحيفة "فلسطين" يقول فتحي: "الإنترنت والوسائل المذكورة زادا التواصل السطحي، ولكن أثرهما على العائلة المحيطة بنا -وخصوصًا في المنزل- فلاشك أنه أثر سلبي كبير وخطير أكثر من كونه إيجابيًّا".

ويتابع: "الشخص يقضي ما لا يقل عن أربع ساعات في اليوم منسجمًا مع شاشات الهاتف النقال وجهاز الحاسوب المحمول، وكثيرًا ما يوجه له كلامًا أهل البيت، ولكن استجابته تكون بطيئة، فيجيبهم بعد خمس دقائق، لكونه شارد الذهن في موقع آخر".

ويذكر فتحي أن الشخص قد يضطر إلى إعادة قوله أكثر من مرة للفت انتباه متصفح الإنترنت ووسائل التواصل، معتقدًا أن تلك الساعات الطوال التي يضيعها على الإنترنت تكون على حساب وجوده مع أسرته وأطفاله.

ويذهب إلى أبعد من ذلك، بوصفه هذه التصرفات بأنها "كارثة" على المجتمع، إذ سرقت هذه المواقع والأجهزة الإلكترونية الإنسان من أقرب الناس إليه وعزلته عنهم، حتى أصبح كل فرد يستخدم هذه المواقع والأجهزة كأنه يعيش في قوقعته الخاصة به.

التقارب والدفء

"وكثيرًا ما تلتقي العائلة في مناسبات اجتماعية خاصة بها، لكن ما يكون من أحدنا بعد دقائق من الاجتماع والسلام إلا أن ينصرف تلقائيًّا لا إراديًّا إلى تناول الهاتف وتصفح جهازه، فيضحك تارة وينزعج أخرى من هذا المنشور أو ذاك" يقول فتحي.

ويتفق الشاب طارق أبو زيد مع القول: "إن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت تشكل خطورة كبيرة على المجتمع والعلاقات الاجتماعية والأسرية، والتقارب والدفء اللذين تتميز بهما المجتمعات العربية، إذ عملت على اتساع الفجوة بين الأفراد".

ويرى أبو زيد في دردشة مع صحيفة "فلسطين" أن هذه المواقع كانت أداة تتجه نحو تفتيت الجمهور وتقليص العلاقات الحقيقية لمصلحة العلاقات الافتراضية، إذ أصبح الشخص مجرد رقم وسط العائلة.

ويختم حديثه قائلًا: "قد تجد عائلة مكونة من 10 أفراد مجتمعة داخل المنزل، لكن كل واحد على حدة، وقليلًا ما يتبادلون أطراف الحديث، وهو ما يعطي دليلًا آخر على أن هذه المواقع سلاح ذو حدين".

ويلخص خبراء مزايا مواقع التواصل الاجتماعي بأنها وسيلة تبادل الخبرات الحياتيَّة في مجالات الحياة المتعددة، واكتساب وعي ومعلومات مهمّة، وإفساح المجال أمام الإبداع، واكتساب خبرات إبداعيَّة في مجالات ثقافيّة متنوّعة، وغير ذلك.

لكنهم لا يغفلون خصائص غير إيجابية، مثل: الانعزال الشعوري عن المجتمع القريب؛ للاندماج في المجتمع الافتراضيّ البعيد، والانشغال عن أداء بعض الواجبات، الأسريّة أو في جوانب أداء العمل الوظيفي المختلفة.