بصورة لم تكن مفاجِئة، اغتال سلاح الجو الإسرائيلي بهاء أبو العطا المسئول العسكري لحركة الجهاد الإسلامي شمال قطاع غزة، الذي اتهمه أخيرا بالمسئولية عن إطلاق الصواريخ، ما دفع فصائل المقاومة الفلسطينية للتهديد برد فوري على الاحتلال، الذي أعلن بدوره تعطيل الحياة في مستوطنات غلاف غزة وصولا إلى (تل أبيب).
جاء لافتا إعلانُ بيان الجيش الإسرائيلي على غير العادة أن عملية الاغتيال صادق عليها رئيس الوزراء ووزير الجيش بنيامين نتنياهو، يعني قبل دخول نفتالي بينيت وزير الجيش الجديد بساعات قليلة لمقر الوزارة.
يسلط الاغتيال الإسرائيلي لأبو العطا فجر أمس، في غزة على الوسائل والطرق التي تتبعها المخابرات الإسرائيلية لاغتيال النشطاء الفلسطينيين، بدءا بتشخيص الهدف، وحتى إطلاق القذيفة الأخيرة القاتلة، ولذلك يشكل اغتيال أبو العطا قمة جبل الجليد فقط مما تقوم به الأجهزة الأمنية الإسرائيلية من عمليات مكثفة تبدأ بجمع المعلومات، والتحضير للاغتيال الذي قد يستغرق أشهرا عدة.
إن قرار تصفية أبو العطا، وسواه من قادة المقاومة الفلسطينية، يتخذ من أعلى هرم دوائر صنع القرار في (إسرائيل)، بما يعني رئيس الحكومة نتنياهو، الذي يشغل في الوقت ذاته منصب وزير الحرب، الذي يصدّق أو يرفض الموافقة على الاغتيال، مع أن الموافقة لا تتم في اللحظات الأخيرة، وإنما جرت العادة أن تحصل قبل فترة زمنية طويلة على الأقل، من خلال تحضير المادة المعلوماتية الخاصة بالشخصية المستهدفة، ورئيس الحكومة يتخذ القرار من الناحية المبدئية للمس به واستهدافه.
يعيد قرار اغتيال أبو العطا للأذهان ما حصل في حادثة هروب رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو من حفله الانتخابي بمدينة "أسدود" أواسط سبتمبر على وقع إطلاق الصواريخ، ما شكل له إهانة قاسية أمام جمهوره الانتخابي من حزب الليكود، ويبدو أنه منذ تلك اللحظة اتخذ قرار تصفية أبو العطا، إلا أنه تم تأجيل التنفيذ لتكون الظروف ملائمة، إلى أن جاءت جلسة المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر أوائل نوفمبر للمصادقة على تنفيذ عملية الاغتيال.
هنا يمكن استحضار الكشف عن مداولات اجتماع الكابينت في الأيام الأخيرة حول غزة؛ حيث استُمِع لمواقف قائدي الجيش و"الشاباك"؛ وطرحا خيارات عدة كالعودة للاغتيالات، وفي النهاية اتخذ المجلس قرارات عملياتية؛ دون معارضة من أحد.
شهدت التقارير التي خرجت من هذه الاجتماعات قبيل اغتيال أبو العطا مطالبة الجيش بالتركيز على الجبهة الشمالية، لخطورتها أكثر من غزة، وهو كلام منطقي، وفيه وجاهة، لكنه لا يؤخذ على علاته، فقد كان واضحا منذ تلك اللحظات أن الحذر واجب، لأن تجربة الفلسطينيين مع الإسرائيليين مزدحمة بنماذج الغدر والخداع والتضليل.