فلسطين أون لاين

​الأب منويل مسلَّم أيقونة وطن

...
غزة_ نبيل سنونو:

"كانت المرة الأولى التي أسمع فيها باسم الأب منويل مسلَّم تعود لسنوات إقامتي في العاصمة الأمريكية واشنطن في مطلع التسعينيات"، بهذا يبدأ الأمين العام لمؤسسة معهد بيت الحكمة د. أحمد يوسف مخاطبة القارئ في كتاب حديث صادر في تشرين الأول (أكتوبر) 2019م، عن سيرة الرجل الذي يوصف بأنه "أيقونة وطن".

ويسرد يوسف في كتابه (الجزء الأول) بعض مواقف الأب منويل مسلم، ومنها: أنه ليس لـ(إسرائيل) في فلسطين وطن، والمسيحي الذي ليس مع شعبه سلمًا ومقاومة لا مكان له بين شعبه، ومخاطبته المقاومة في قطاع غزة: "احفروا الخنادق وتقدموا"، وقوله خلال الحرب العدوانية على غزة: "إذا هدموا مساجدكم، فارفعوا الأذان من كنائسنا"، وإعلانه نيابة عن العرب المسيحيين أنْ "الأذان في القدس شرف، ودونه لا شرف لنا الفلسطينيين".

ومن المواقف التي أوردها الكتاب للأب مسلّم: "أنا لست مسيحيَّ دولة أوسلو؛ أي الضفة الغربية وقطاع غزة، أنا مسيحيُّ فلسطين التاريخية من رأس الناقورة إلى أم الرشراش، ومن البحر إلى النهر".

ويُقدّم للكتاب: البطريرك مشيل صبَّاح، ورئيس المكتب السياسي السابق لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" خالد مشعل، ووكيل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية السابق د. حسن الصيفي.

والقسم الأول من الكتاب مُعنون بـ"فلسطينُ مهدُ الديانة المسيحية"، ويرد فيه أن المسيحيين في فلسطين يقع عليهم ما يقع على الفلسطينيين عامة، من حصار وإغلاق وتهجير وغيرها، ولم يؤثر الاختلاف الديني بين المسلمين والمسحيين في توحيد الجهود والآلام وتكاتف الأيدي في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وإجراءاته القمعية.

ويقول د. حنا عيسى، خبير القانون الدولي: "إن التعايش الإسلامي المسيحي على أرض فلسطين صورة حضارية ونموذج إيجابي".

ويشمل القسم الأول فصلين أحدهما بعنوان: "المسيحيون في الضفة الغربية وداخل الخط الأخضر"، يقول فيه يوسف: "مهما حاولت (إسرائيل) اقتلاع الفلسطينيين المسيحيين من أرضهم وكنائسهم بسياسات الضم والتهويد والتمييز العنصري، فلن تُفلح أبدًا".

والفصل الآخر هو "المسيحيون في قطاع غزة"، وجاء فيه أن مسيحيي قطاع غزة ظلوا كما في الضفة الغربية طوال القرون الماضية جزءًا أصيلًا من نسيج وبنية المجتمع الفلسطيني، وأن معظم المسيحيين الفلسطينيين الذين ينتمون إلى أربع طوائف دينية يقيمون في مدينة غزة، ومعظمهم يحظون بمكانة اجتماعية واقتصادية مرموقة.

"من أنت، أيها الأب منويل مسلّم؟"؛ هذا ما استهل به الكاتب القسم الثاني من الكتاب الذي يتناول السيرة الذاتية للأب مسلّم، ويتابع: "أنا عربي فلسطيني مسيحي (...) أنا أنتمي إلى أمة عظيمة، وثوابتي الوطنية أساسها: لي ما للفلسطينيين جميعًا، وعليّ ما عليهم، وأنا ملتزم بكل قضاياهم".

وسمي الفصل الأول في القسم الثاني "الأب منويل مسلم ملاعب الطفولة ومدارج الصبا"، وورد فيه أن الأب مسلّم "واحد من أبناء هذا الشعب العظيم، الذي عايش النكبة شابًّا، وكانت عيونه تقرأ مشاهداتها، وإن كانت حركية وعيه آنذاك لم تستوعب طبيعة الكارثة وعواقب ما هو قادم من عقابيل لها".

ويسرد الكتاب بداية مشوار حياة الأب مسلّم، وما قبل النكبة "الهجرة من بير زيت.. رحيل إلى المعاناة"، وطفولة الأب منويل "غرس لروح الجمال ونكران السلب لروح الجمال"، وذكريات الطفولة "تجارب وأحزان وأنغام وطنية"، وشقاوة الطفولة "أخطاءٌ ودروس".

أما الفصل الثاني في القسم ذاته فعنوانه "سنوات الدراسة"، ومن عناوينه الفرعية "الأب منويل في المعهد الإكليريكي (بيت جالا).. بداية الطريق.. إصرار رغم الصعوبات"، و"الالتحاق بالمعهد.. جولة وتعريف ومعرفة للقوانين"، و"ثمرة الخبرة والتجربة.. من قوة المبدأ والأسلوب إلى قوة المبدأ ولطف الأسلوب"، و"في المعهد.. مغامرات ودروس"، و"رحلات وخبرات"، و"في الإكليريكية الكبرى.. تصميم؛ فإبداع وتميز".

ومن عناوين الفصل نفسه: "الأب منويل.. بين مضادة الخلاف ونكرانه، ومحبة الوفاق واتباعه"، و"في اللحظة الأخيرة.. بداية جديدة بعد أن كانت النهاية وشيكة".

وحمل القسم الثالث عنوان: "العمل في الأردن"، وفصله الأول عنوان: "الأب منويل مسلم في الزرقاء.. الحي الجنوبي (من 1963-1968م)"، وتفرع منه: "منذ البداية.. أزمة العزف والسرقة: مشكلات وحلول"، و"الاهتمام بالأنشطة الفنية.. أغنيات الصدفة وأشعار المقاومة"، و"صرخة الكتمان.. بين نكسة الضياع للقدس، وأمل استعادة الكرامة في معركة الكرامة"، أما الفصل الثاني فجاء بعنوان: "الأب منويل مسلم كاهن رعية في بلدة عنجرة".

"العودة إلى الوطن" هو عنوان الفصل الثالث من القسم، و"الأب منويل مسلم تحديات العمل والاحتلال" كان عنوان القسم الرابع.

ويضم القسم الرابع الفصل الأول: "سنوات العمل في الضفة الغربية"، ويندرج فيه: الأب منويل في جنين (1970-1975م)، و"الأب منويل في الزبابدة (1975-1995م).

وشمل الفصل الثاني: "سنوات العمل في غزة.. التحديات وذكريات النضال"، أما الفصل الثالث فكان: "العودة والاستقرار في بير زيت (2009 - .....)".

وينقل القسم الخامس من الكتاب القراء إلى الحديث عن الأب مسلّم "رجل الإجماع المسيحي-الإسلامي"، وهو عنوان القسم، وفي مقدمته يقول مشعل: "كيف يستطيع الفلسطينيون والمسلمون أن ينسوا الأب منويل مسلم ومواقفه الوطنية والإنسانية؟!، لن ينسى أحد نغمة صوتك ولا صورتك ولا ذكراك في التاريخ".

ويعنون الكاتب الفصل الأول من القسم الخامس بـ"وثيقة العهد بين الفلسطينيين"، ويقول فيه: "حرصًا من الأب منويل على الوحدة الوطنية والحفاظ على النسيج الفلسطيني سالمًا من الصراع الذي تديره (إسرائيل) والصهيونية للتفرقة ما بين المسلمين والمسيحيين في الوطن، كتب وثيقة عهد ووفاء بينهما".

أما الفصل الثاني من القسم الخامس فعنوانه: "المبادرة والرؤية والتحرك لتحقيق المصالحة الوطنية"، وفيه يوضح الكاتب أنه في حالة الانقسام الداخلي بين الفلسطينيين تحرك الأب مسلّم بمبادرة وطنية تهدف إلى لم الشمل واجتماع الصف بين الكل الفلسطيني، سبقها الكثير من الجهد والاتصال بأطراف وشخصيات وازنة شاركته في الموقف والرأي.

ومن الأفكار الرئيسة للمبادرة: انتخاب مجلس وطني أولًا في الوطن والشتات، والمجلس الوطني ينتخب منه اللجنة التنفيذية، وهي بدورها تنتخب لها رئيسًا، والمجلس المركزي المنبثق عن المجلس الوطني لا يحق له أن يتخذ قرارات الشعب الفلسطيني، وهو فقط استشاري.

"طرائف وابتسامات"

ثم ينتقل الكتاب إلى القسم السادس "الأب منويل مسلّم تجليات إنسان".

ويعرض في فصله الأول: "مواقف ووقفات ورؤية وطنية"، وفي الثاني "الأب منويل والعلاقة مع حماس.. تقدير وتعاون واحترام"، وفي الثالث "الأب منويل والاحتلال.. جدليات التحدي والتمرد والاستعلاء"، وفي الرابع "الأب منويل والمقاومة الفلسطينية..بين العقيدة والنهج الوطني"، وفي الخامس "تماهي الديني بالوطني والهوية الفلسطينية"، أما في السادس "الموقف من القدس والمقدسات الدينية.. نحن الخلود: القدس عروس عروبتكم".

ولم يفت الكاتب تضمين كتابه قسمًا سابعًا يورد فيه "مواقف وطرائف وابتسامات"، قائلًا: "برغم الجدية والصرامة التي عليها –عادة- رجالات الدين، إلا أن الأب منويل مسلّم كان متميزًا بروح الظرافة والدعابة والمرح".

أما القسم الثامن فسمي: "الصراع على أرض فلسطين"، ويتضمن الفصل الأول "الرؤية الدينية والقراءة السياسية للأب منويل مسلّم"، والثاني "زيارة فرنسا وإيرلندا.. مهمة رساليّة بعباءة وطنية".

أما القسم الأخير "الأب منويل مسلّم: شهود وشهادات" فيقول فيه يوسف: "نادرًا ما يتفق الناس عند تقييمهم الشخصيات الاعتبارية، وخاصة الدينية منها، إلا أن الأب منويل مسلم نجح بامتياز في كسب قلوب الكل الفلسطيني، وحظي باحترامه وتقديره".

ويرفق الكاتب وثائق تتعلق بـ"بعد العلاقة المسيحية الإسلامية، التي حرص الأب منويل على تكريسها وإضفاء الطابع الوطني عليها".

ومن المقرر أن يتضمن الجزء الثاني من الكتاب المواقف السياسية والمقالات والأزجال الشعرية للأب مسلّم، وكل ما صاغه من تجليات في عالم السياسة والأدب.