فلسطين أون لاين

نماذج منتقاة من الملاحقات الإسرائيلية لقادة المقاومة المسلّحة

استحضر الإسرائيليون عقب اغتيال زعيم تنظيم الدولة أبي بكر البغدادي توجههم القاضي بانتهاج هذه السياسة من التصفيات الجسدية ضد كوادر المقاومة الفلسطينية، داخل فلسطين وخارجها، وتشمل أولئك الناشطين في تهريب الوسائل القتالية والتخطيط لتنفيذ الهجمات المسلحة.

تؤكد سياسة الاغتيالات الإسرائيلية أننا أمام عهد جديد من الحرب والمواجهة التي تعمل على تقليص أعداد المشاركين فيها إلى وحدات معدودة، تنفذ المهام المطلوبة ضد المنظمات غير الدولانية التي لا تحتاج لجيش نظامي لملاحقتها.

لكن الاغتيالات الإسرائيلية تكشف عن سلسلة من التحديات والصعوبات التي تواجهها، وأهمها مهمة جمع المعلومات الأمنية والاستخبارية خاصة في المنطقة التي يوجد فيها المطلوب المستهدف، وهو ما تواجهه الأجهزة الأمنية الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة. صحيح أننا أمام بقعة جغرافية صغيرة، يمكن السيطرة عليها، لكن مهمة جمع المعلومات تتحول إلى عملية معقدة.

تزداد صعوبة جمع المعلومات للمقاوم المستهدف إن حافظ على مستوى فائق من الاحتياطات، واستعان بمساعدين محدودين، ومعزولين عن الآخرين، يثق بهم بلا حدود، ويقيم في منطقة تدعم المقاومة بصورة واضحة.

في هذا المقام يمكن إلقاء نظرة فاحصة على الجهود التي يبذلها قادة المنظومة الأمنية والاستخبارية والعسكرية الإسرائيلية لإيجاد لغة مشتركة بين مختلف الأجهزة الأمنية العاملة في مجال ملاحقة المنظمات الفلسطينية وهي: الشاباك، اليمام، الموساد، أمان، وجهات أخرى في (إسرائيل) لكل منها "دي إن إيه" خاص بها.

يأتي هذا الجهد النوعي بعد أن شهد العقد الأخير بعض الاحتكاكات السلبية بين هذه الأجهزة على خلفية تداخل الصلاحيات بينها، وغياب التنسيق والتنفيذ المشترك قبل المضي بعملية الاغتيال المستهدفة.

إن تطور الإمكانات التكنولوجية الفائقة لدى الأجهزة الأمنية الإسرائيلية لا يغنيها عن وجود عيون بشرية على الأرض، تراقب الهدف المطلوب، ولعل الاغتيالات الإسرائيلية الأكثر نجاحا تؤكد هذه القناعة، وهو ما يسعى إليه الشاباك بالجمع بين التكنولوجيا والعملاء في الميدان، دون الحديث عن استبدال أحدهما.

أختم هذه السطور بإيراد ثلاثة نماذج: الأول عملية اعتقال إبراهيم حامد قائد الجناح العسكري لحماس بالضفة الغربية عام 2006 بعد مطاردة استمرت ثماني سنوات، استطاع أن يتخفى عن المخابرات الإسرائيلية، وينفذ ويخطط لسلسلة من العمليات الدامية، والثاني اغتيال رائد العطار ومحمد أبو شمالة في حرب 2014، وهما من قادة الجناح العسكري لحماس بغزة، ولاحقهما الشاباك عقدين من الزمن، حتى وصل إليهما، وتم اغتيالهما.

النموذج الثالث هو محمد الضيف القائد العام لكتائب القسام الذي قصفت الطائرات الإسرائيلية معظم الأمكنة التي وجد فيها مرات عدة، تدمرت تماما، في حين بقي هو يدير وينتج ويخطط للعمليات المسلحة ضد (إسرائيل)!