فلسطين أون لاين

" فضل": لندن تتحمل مسؤولية معاناة شعبنا في اللجوء

...
صورة أرشيفية
بيروت-غزة/ أحمد المصري:

رسالة من 67 كلمة فقط بعث بها وزير الخارجية البريطانية عام 1917م آرثر بلفور، إلى اللورد روتشيلد أحد زعماء الحركة "الصهيونية" في تلك المدة، كانت فاتحة قصة ألم تمتد آثارها في جنبات مخيمات اللجوء، وهو ما تتحمل الحكومات البريطانية المتعاقبة المسؤولية عنه كاملة، كما يقول مسؤول ملف شؤون اللاجئين في حركة المقاومة الإسلامية حماس بلبنان أبو أحمد فضل.

وفي حديث إلى صحيفة "فلسطين" يقول فضل: "إن معاناة المخيمات الفلسطينية وسكانها في دول الطوق الممزوجة بالقهر والألم هي امتداد لهذا الوعد المشؤوم".

ويوضح أن اسم بلفور بقي الأكثر إثارة للوجع والجرح الفلسطينيين المستمرين، مضيفًا: "لولا هذا الوعد وتأسيس بريطانيا لإقامة دولة الكيان؛ لكان شعبنا في أرضه ومدنه وقراه ومرابعه يعيش الحياة الهانئة لا حياة اللجوء".

ويشدد على أن بريطانيا وحكوماتها المتعاقبة تتحمل المسؤولية كاملة عن هذه المعاناة الممتدة، والألم الذي تمتد فصوله، منبهًا إلى أن وعد بلفور كان كفيلًا بتغيير مصير الشعب الفلسطيني ونقله من حالة الاستقرار إلى اللجوء.

وأبلغ بلفور روتشيلد بالنيابة عن الحكومة البريطانية أنها تنظر بـ"عين العطف" لتأسيس ما أسماه "وطنًا قوميًّا" لليهود في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية.

ويصف مسؤول ملف اللاجئين في حماس بلبنان وعد بلفور بـ"الأسود"، الذي بموجبه دمرت بريطانيا والعصابات الصهيونية مستقبل الشعب الفلسطيني بأكمله، ونفذت في إثره المذابح والمجازر بحقه.

وبحسب ما وثقته كتب التاريخ والإحصاءات والأرقام، إن العصابات الصهيونية وجرائمها بحق الفلسطينيين الأبرياء هجرت وطردت أكثر من 900 ألف فلسطيني خارج وطنهم، ليتشتتوا في الدول العربية المجاورة وأرجاء العالم كافة، من أصل 1.4 مليون فلسطيني كانوا يقيمون في فلسطين سنة 1948م، بـ1,300 قرية ومدينة فلسطينية.

ويقول: "في إثر هذا الوعد احتلت فلسطين، وهجر شعبنا في المنافي، والبلاد العربية المحيطة وغيرها، وقلبت حياة الفلسطيني إلى فصول متعاقبة من القهر والألم"، مضيفًا: "هذه المعاناة لم تلبث سنة أو سنتين وقت التهجير، بل امتدت حتى يومنا هذا".

ويشير إلى أن المخيمات في سوريا التي كانت تضم في جنباتها نحو 500 ألف باتت مدمرة، ومشتتين سكانها، في حين يعاني أشقاؤهم في لبنان الأمرين، وتدفعهم ضغوط الحياة الواقعة عليهم إلى الهجرة مرة أخرى.

ويؤكد فضل أن الفلسطيني اللاجئ في لبنان يعاني الحصار، والأسلاك الشائكة، ويمنع من العمل، ويحرم العيش الكريم، والتنقل، وتحيط بمخيماته الجدر، والحواجز الأمنية، ولا يقوى على تحصيل لقمة عيش كريمة.

"التكفير عن الخطيئة"

وتشير سجلات (أونروا) إلى أن عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لديها في عام 2018م نحو 6 ملايين، وهذه الأرقام تمثل الحد الأدنى لعددهم، وهم بذلك يشكلون ما يقرب من نصف عدد الفلسطينيين في العالم، البالغ نحو 13 مليون نسمة، وقد بلغت نسبة اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى وكالة الغوث في الأردن نحو 39% من إجمالي اللاجئين الفلسطينيين، في حين بلغت هذه النسبة في لبنان وسوريا نحو 9% و11% على التوالي.

وأظهرت نتائج التعداد العام للاجئين الفلسطينيين في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان لعام 2017م أن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان يتمركزون في منطقة صيدا بواقع 36%، ثم منطقة الشمال بواقع 25%، وبلغت نسبتهم في منطقة صور نحو 15%، ثم في بيروت 13%، وفي منطقة الشوف 7%، ثم منطقة البقاع 4%.

وأشارت النتائج إلى أن نحو 5% من اللاجئين الفلسطينيين يملكون جنسية غير الجنسية الفلسطينية.

وكانت المدير العام لدائرة الإحصاء المركزي اللبناني د. توتليان غيدانيان أعلنت أن عددهم بلغ 174.422 لاجئًا خلال 2017م، لكن يقول مراقبون: "إن هذا الإحصاء شمل اللاجئين في المدن دون المخيمات، والعدد أكبر من ذلك".

ويتابع فضل: "لولا هذا الوعد المشؤوم لما كانت هذه المعاناة، التي نعيشها في مخيمات اللجوء، ولكنا الآن في أوطاننا وفي بلادنا وديارنا ومزارعنا مثلنا مثل العرب والدول المستقرة"، داعيًا إلى وضع خطة إستراتيجية تصل إلى إقامة دعاوى على بريطانيا في المحاكم الدولية لمحاسبتها على هذا الوعد.

ويكمل: "بريطانيا ارتكبت مجزرة تاريخية بحقّ شعب له وجود وثقافة وتاريخ، وهي ملزمة اليوم بالتكفير عن خطيئتها بإعادة الحقوق لأهلها"، مؤكدًا أن اعتذار بريطانيا إن قدمته لا يكفي عن تعويض الفلسطيني عما لحق به من جرح وقتل وتشريد.

ويشدد فضل على أن وعد بلفور، الذي مضى عليه 102 سنة، يمثل الوجه التآمري على الشعب الفلسطيني، الذي لا يزال يعيش في مخيمات اللجوء وتحاك عليه المؤامرة تلو الأخرى، تارة بالضغط عليه لتهجيره مجددًا، وتارة أخرى بالضغط لإنهاء عمل الجهات الداعمة له كوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).

وأوقفت الولايات المتحدة في 31 آب (أغسطس) 2018م التمويل الذي كانت تقدمه لـ(أونروا)، بعد أن كانت أكبر ممول للوكالة الأممية، إذ قدمت لها أكثر من 350 مليون دولار أمريكي في 2017م.