بمناسبة الذكرى الثانية بعد المئة لوعد بلفور المشؤوم طالبت الحكومة الفلسطينية بريطانيا بالمسارعة إلى إزالة آثار تلك المظلمة التاريخية عبر تصحيح خطئها بالاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 67 بعاصمتها القدس الشريف.
أعتقد أن اتفاقية أوسلو اخطر من وعد بلفور إن لم تكن ترجمة فعليه له، بل الاتفاقية أفضل من الوعد للعدو الإسرائيلي لأن بلفور وما لحقه من قرارات أممية جائرة بحق الشعب الفلسطيني أعطت المحتل الإسرائيلي 55% من الأرض والباقي للفلسطينيين، ولكن اتفاقية أوسلو منحت العدو 78% من الأرض.
مطالبة بريطانيا بالاعتراف بدولة فلسطينية على حدود 67 ليست إزالة لآثار وعد بلفور بل تثبيت للجريمة، إلا إذا كان المنطق الذي تفكر به الحكومة أو الناطق باسمها إبراهيم ملحم يختلف عن المنطق البشري الطبيعي الذي يحتم مقاطعة بريطانيا إلى الأبد من جراء وعدها وفتح فلسطين للغزاة الإسرائيليين، ومن أجل إزالة مضاعفات وعد بلفور لا بد لمنظمة التحرير أن تسحب اعترافها بشرعية الاحتلال وأن تعلن نبذها وتراجعها عن اتفاقية أوسلو المشؤومة، فهكذا تتم المعالجة وليس بالطريقة آنفة الذكر.
وأيضًا بمناسبة وعد بلفور دائمًا ما يتم استحضار مقولة "وعد من لا يملك لمن لا يستحق"، وإن كانت مقولة صحيحة ولكننا نغفل أو نتغافل عمن سهل تنفيذ ذلك الوعد الملعون، نغفل عن الأنظمة العربية التي لولا تخاذل بعضها وتآمر البعض الآخر لما احتل اليهود فلسطين، وما زالت تلك الأنظمة تعمل على تثبيت الكيان الغاصب على الأرض الفلسطينية بشتى الطرق وأخطرها ما يسمى المبادرة العربية للسلام، فهي توأم اتفاقية أوسلو والمتممة لها، وإننا نرى الآن ونحن نتألم في الذكرى الثانية بعد المئة لوعد بلفور هرولة عربية للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي بشكل غير مسبوق، ثم نرى من يشيد بدور تلك الأنظمة ويؤكد على دعمها لشعب فلسطين وقضيته زورًا وبهتانًا.
لا بد أن يدرك كل صغير وكبير من أبناء شعبنا أن قضيتنا هي تحرير فلسطين ومقدساتها ولا قدسية عندنا لمنظمات أو تنظيمات أو شخصيات، الكل مطالب بالدفاع عن القضية والعمل على تحرير فلسطين من النهر إلى البحر، فمن يسير على هذا الطريق له احترام الشعب وتقديره.