في بريطانيا عقبوا على الذكرى (١٠٢) لوعد بلفور أنهم ليسوا بنادمين لقيام دولة (إسرائيل) بموجب وعد بلفور، ولكنهم يأسفون لعدم قيام دولة فلسطين، وإن بريطانيا تؤيد حلَّ الدولتين؟! بريطانيا سعيدة بوعد بلفور، ولا تجد مبررًا للاعتذار عنه. نحن نعلم أن الفلسطينيين يطالبون بريطانيا بالاعتذار عن جريمة بلفور التي أسست للنكبة الفلسطينية، واحتلال الأرض الفلسطينية؟! ولكن هذه وجهة نظرهم هم فقط؟!
ماذا يجب أن يعمل الفلسطينيون وبريطانيا ترفض الاعتراف بجريمتها، وترى في قيام دولة إسرائيل حدثا سعيدا يجدر بها أن تفتخر به؟! لا أحد في فلسطين وضع خطة عمل مفيدة للمعاقبة بريطانيا على موقفها القديم والحديث، وليس في الأحزاب البريطانية القائمة من يدعو للاعتذار للشعب الفلسطيني، وليس فيهم من يعيب بلفور على وعده.
بريطانيا في واد، والمطالبون لها بالاعتذار في واد آخر، ويبدو أن عدم مبالاة بريطانيا بالمطالب الفلسطينية، يعود إلى أنها ترى فيها مطالب غير جادة، وأنها مطالب إعلامية، وهي ترى في الوقت نفسه أن القادة الفلسطينيين يتمسحون ببريطانيا، ويطالبون برعايتها ورعاية أميركا؟!
إن غياب الجدية الفلسطينية، يجعل مطالب القادة الفلسطينيين مجرد مطالب إعلامية للاستهلاك المحلي، ولما كانت بريطانيا تدرك ذلك وجدتها لا تعلق على هذه المطالب، وتصرح بما هو نقيض لها، كقولها إنها سعيدة بقيام دولة (إسرائيل).
عندما وجد الألمان الجدية المطلقة في المطالب اليهودية للاعتذار عن جرائم النازيين، قدمت ألمانيا اعتذارها، وقدمت تعويضًا ماليًّا كبيرًا لليهود، ولدولة (إسرائيل)، واعترفت بجرائم هتلر، وتحملت مسؤولية هذه الجرائم، ومع هذا السخاء الألماني لما تحصل ألمانيا على رضا اليهود في العالم؟!
إن جريمة هتلر الموقوتة بحق اليهود تصغر أمام جريمة بريطانيا الممتدة في التاريخ، ومع ذلك لم يحصل الفلسطينيون على اعتذار بريطانيا ولا على تعويضاتها، والسبب يرجع إلى فشل القيادات الفلسطينية في معالجة موضوع الاعتذار، وغياب الجدية والإرادة الفلسطينية، القادرة على مواجهة الصلف البريطاني.
بريطانيا ارتكبت جريمة بيد بلفور، ومن عمل على تنفيذ وعده، وسيأتي اليوم الذي تجد فيه بريطانيا نفسها مضطرة للاعتذار والتعويض، وهذا يتحقق عندما يعود الفلسطينيون إلى وحدتهم، وعندما يعود العرب للدفاع عن قدسهم، وحين ينتصر الفلسطينيون على أنفسهم وشهواتهم وفرقتهم. عندها سنجد بريطانيا تستجيب للاعتذار والتعويض.