يتزامن مرور 25 عامًا على توقيع اتفاق السلام الإسرائيلي الأردني مع حالة من التوتر المتزايد بينهما، إلى الدرجة التي دفعت بأوساط الجانبين للتكهن بأن الأمر قد لا يتوقف عند تصريحات سلبية متبادلة، بل ربما يهدد الاتفاق ذاته، رغم استبعاد ذلك في الآونة الحالية.
اللافت أنه في ذروة التوتر السياسي المتصاعد بين تل أبيب وعمان، فإنهما لا يترددان في التأكيد على استمرار التنسيق الأمني بينهما، حيث يعيش في أفضل أحواله، رغم أن التجارة الثنائية تراجعت، والعلاقات الدبلوماسية مجمدة، والعودة القريبة للمناطق الزراعية المستأجرة للسيادة الأردنية شاهد جديد على أن العلاقات تشهد توترا متناميا، ما يتطلب التحذير من أن الاتفاق قد لا يصمد طويلا على المدى البعيد.
ما زال الرأي العام الأردني ينظر لهذا الاتفاق بشكوك مريبة، لكنه يحظى بين الإسرائيليين بتقدير واسع، رغم أنهم يعتقدون أن الاتفاق مع الأردن القائم على مصالح متبادلة قد يكون نموذجا لاتفاقات مشابهة مع دول أخرى.
كان لافتًا أن (إسرائيل) خلت من أي فعاليات لإحياء ذكرى ذلك الاتفاق هذا العام، رغم أنها تمتلك مع جارتها الشرقية أطول حدود جغرافية، واتصالاتهما الأمنية والاستخبارية ما زالت قوية بصورة استثنائية عن باقي العلاقات، حيث شهدت الآونة الأخيرة تدهورا غير مسبوق فيها، ووصلت سوءا تجاوز ما كان عليه الوضع قبل توقيع الاتفاق.
الغريب أنه في ذروة خلافات الجانبين في قضايا سياسية تخص الوضع الفلسطيني، والأماكن المقدسة في القدس، واعتقال المواطنين الأردنيين، وأخرى اقتصادية تتركز في استعادة الأردن لأراضيه المستأجرة من الإسرائيليين، لكن العلاقات الأمنية ممتازة جدا بينهما، ولعلها الأكثر متانة، بسبب وجود جملة من التهديدات المشتركة التي تقف أمامهما، والأكثر غرابة أنه نادرا ما تأثرت هذه العلاقات الأمنية بالاعتبارات السياسية.
يؤكد الإسرائيليون أن التنسيق الأمني الأردني الإسرائيلي في أحسن أحواله، هناك اتصال يومي في قضايا الأمن والعسكر بين عمان وتل أبيب، مما ساهم كثيرا في استقرار المنطقة، وتحويل الحدود المشتركة إلى هادئة جدا، والتصدي بسرعة لأي مشكلة أمنية، وحلها على الفور، بعد أن كانت الحدود في السابق تمثل مشكلة خطيرة.
نصيحة إسرائيلية قاسية وجهت قبل أيام إلى دوائر صنع القرار في تل أبيب، بالقول: إن استمرار توتر العلاقات مع عمان يتطلب إرسال بعض كبار الجنرالات الإسرائيليين المرتبطين بصورة وثيقة مع القصر الملكي الأردني، كي يستلمان قائمة بأهم تحفظاته، وينقلانها إلى تل أبيب، للبدء في تفكيكها وحلها، وهو اقتراح يحمل تسطيحا في علاقات الجانبين، ونظرة دونية في القراءة الإسرائيلية لوزن وتأثير جارتها الشرقية، رغم أنها نصيحة قد تجد طريقها إلى التطبيق.. مع الأسف!