فلسطين أون لاين

بداية الانفكاك عجاجيل

ما معنى الانفكاك عن الاقتصاد الإسرائيلي؟! وهل يمكن تحقيق هذا الانفكاك في الوقت الراهن؟! وكيف؟! وهل دعوات الانفكاك دعوات جادة ومسؤولة ومدروسة؟! الارتباط بالتبعية للاقتصاد الإسرائيلي كان مع بداية الاحتلال في عام 1967م، وتكرّس في اتفاقية أوسلو، واتفاقية باريس الاقتصادية. ونابت (إسرائيل) بموجبه عن السلطة في تولي جمع أموال الضرائب عن الصادرات الإسرائيلية لغزة والضفة.

موانئ (إسرائيل) هي التي تستقبل التجارة الخارجية للسلطة، والقطاع الخاص في أراضي السلطة، وأجهزة الجمارك والأمن الإسرائيلية هي التي تقوم بالفحص، وتقدير الرسوم الجمركية، وهي التي تنظم عملية الإدخال، فتدخل بضاعة فلان، وتؤخر بضاعة ثانٍ، وتحتجز بضاعة ثالث، وليس للسلطة من كلمة في هذا المجال. التبعية مطلقة، وشاملة.

في ظل هذه التبعية المطلقة يمكن القول بأن الاقتصاد الفلسطيني شبه ميت، ولا يملك فرص المنافسة، ولا يتمتع بحرية التصرف، وقد رأت السلطة في ذلك مكسبًا لها، من خلال (محفظة الضرائب)، ولم تعمل منذ نشأتها على تحرير الاقتصاد والتجارة الفلسطينية من التبعية، حتى بات الاقتصاد الفلسطيني مشلولًا، وغير قادر على النمو والتطور.

بعد عقدين ونصف من التبعية المحروسة باتفاق باريس أخذت السلطة ترى أن التبعية تضر بمصالحها، وأن الانفكاك عن التبعية هو الحلّ، وكانت فيما قبل تسخر من أقوال وأبحاث الاقتصاديين، ونصائحهم الشفافة. السلطة استيقظت بعد طول منامٍ وغيٍّ. وقررت وقف استيراد العجول من (إسرائيل) كخطوة رئيسة في الانفكاك الكاذب؟!

إذا كانت بداية الانفكاك هي وقف استيراد العجاجيل فنحن أمام تفكير بقري في إدارة الاقتصاد الوطني، وليتنا ننجح أيضا، لأن من قبل أن يقيده عدوه بقيد من الحديد الاقتصادي لا يملك أن يفك قيده بيديه المقيدتين، ومثله في ذلك (كمثل ناطح صخرة بقرنه ليوهنها فأوهى قرنه الوعل؟!).

الاقتصاد الصهيوني لا يتضرر بقرار جزئي كقرار العجاجيل، ولا ينتفع الاقتصاد الفلسطيني، بقرار جزئي غير مدروس، ألقاه فرد بلا علم ولا استشارة، ليكسب صوتًا وطنيًّا من العامة، وإن لم يكسب الاقتصاد الفلسطيني شيئًا. الشعب يريد انفكاكًا حقيقيًّا جادًّا ومدروسًا عن الاقتصاد الصهيوني، وهذا لا ما لا تملك أوراقه السلطة، ولا تملك الإرادة اللازمة له. وغياب الإرادة أهم.