فلسطين أون لاين

التحدي الإسرائيلي أمام "العم سام الجديد"

ينتقل الإسرائيليون في تعاملهم مع التحديات الأمنية، تحديًا بعد آخر، تارة مع الفلسطينيين، وأخرى مع الجبهات المحيطة بهم، وثالثة مع التطورات الإقليمية المتلاحقة، دون أن يخطر على بالهم أن يضطروا لمواجهة تحدٍ رابع من نوع جديد، يتمثل في كيفية وجود نسخة جديدة من "العم سام".

يقصد كاتب السطور بالتحدي الأمريكي الجديد أن إسرائيل راهنت مطولًا على مجموعة واحدة من المجتمع الأمريكي، وهم المسيحيون الإنجيليون، لكنهم في حال فقدوا قوتهم وتأثيرهم، فإن إسرائيل قد تبقى وحيدة دون أدوات دفاعية كافية.

لا يمل الإسرائيليون مؤخرًا من كثرة الصراخ في الأسابيع الأخيرة عقب التصرفات المفاجئة لواشنطن تحت إدارة ترامب المتقلب، تجاه الشرق الأوسط، والخشية من خروجه من تحت السيطرة؛ لأنهم يعتقدون أن الانسحاب الأمريكي من المنطقة سيجعل المنطقة تعيش في حالة من الفوضى، فالولايات المتحدة حين تخذل أصدقاءها، وتخون حلفاءها، فإن ذلك يعني أن المشاكل قادمة في الطريق.

يتمثل التقدير الإسرائيلي في أن الانسحاب الأمريكي يعطي مؤشرات ضعف، ما يؤكد أن التصعيد قادم لا محالة، والانفجارات العنيفة تقترب شيئًا فشيئًا، فالعالم اختلف عما كان سابقًا، وإسرائيل تعتقد أن أمريكا لم تعد مرهونة بنفط الخليج، وبعد حربي أفغانستان والعراق بات الأمريكان مستنزفين، ما يشير إلى قلق مشروع تل أبيب.

تشعر إسرائيل بكثير من القلق وهي تستمع لما يتردد في الأوساط الأمريكية بأن أمريكا القرن الحادي والعشرين تريد العودة إلى البيت، وليس لديها النية للتضحية بجنودها من أجل الشرق الأوسط ومحاربة إيران، ما يتطلب من إسرائيل مواءمة نفسها مع أمريكا الجديدة، والعم سام الجديد.

اليوم تكتشف إسرائيل خطأها الخطير حين راهنت طويلا على الطائفة الإنجيلية المسيحية في دعمها المطلق، وهي طائفة لا تزيد على خمس سكان الولايات المتحدة، التي أبدت التزامًا تجاه الدولة اليهودية، وتتحكم في الحزب الجمهوري.

يترقب الإسرائيليون ما ستسفر عنه الانتخابات الأمريكية في نوفمبر 2020، ففي حال انتخاب إليزابيث وورن رئيسة للولايات المتحدة، فلن يكون للإنجيليين مزيد من القوة والنفوذ، أما في حال انتخب ترامب مجددًا، فإن قوتهم ستكون أقل تأثيرًا، وفي كلتا الحالتين، فإن الخطأ الأكبر ليس منهم، بل من إسرائيل، لأنهم في القريب لن يكون بإمكانهم الدفاع عنها بلا حدود، والقبة الحديدية الإستراتيجية التي اعتمدت عليها طويلًا ستتراجع قوتها".

كل ذلك سيجعل من التحدي الأمريكي الماثل أمام إسرائيل دراماتيكيًّا، وقد يدفعها لأن تكون في حالة من الضائقة إن لم تتدارك نفسها بالانفتاح على مزيد من الأمريكيين، وإلا فإنهم سيديرون ظهورهم لنا، وستكون وحدها في مواجهة الشرق الأوسط العنيف المتقلب المتطرف، على حد وصفها!