هل تملك الانتخابات مفتاح حلِّ المشكلات الفلسطينية في الضفة والقطاع؟! الجهاد الإسلامي الذي حضر قادته لقاء حنا ناصر بالفصائل، قال: "نحن نرحب بالانتخابات، ولكن لن نشارك فيها، وهي ليست مدخلًا لحلِّ المشكلات الفلسطينية الداخلية".
هذا قول واضح، لا لبس فيه. الانتخابات التي تمتلك الآن فرصة جيدة لإجرائها، بعد أن تنازلت حماس عن التزامن، هي في رأي الجهاد الإسلامي لا تحمل حلولًا لمشكلات الفلسطينيين في غزة والضفة، وعليه فإنها سواء أجريت قريبًا، أو لم تُجرَ لسبب أو لآخر، فلا ندامة عند الجهاد عليها، لأنها لا تمثل رافعة لحل مشكلات الفلسطينيين.
هذا القول يتضمن بعض الحقيقة، لأن مشكلات الفلسطينيين الداخلية ليست سياسية وحزبية فحسب، بل هي مشكلات متنوعة، بعضها اقتصادي، وبعضها صحي، وبعضها تعليمي، وبعضها وطني، وبعضها قضائي، وبعضها أمني، وبعضها تخلف في مؤسسات الحكم ولإدارة، وبعضها فساد مالي وإداري، وبعضها ناتج من التبعية لإسرائيل، وبعضها يكمن في مصادر العمل، والبطالة، والفقر، وهجرة الخريجين، ورحيل الكفاءات العلمية، بحثًا عن فرص المستقبل، والحصار، وأنصاف الرواتب، ومتابعة حصر ما تبقى قد يفضي إلى الملل، وهذا قدر كافٍ منها، فهل تملك الانتخابات القادمة، إن نجحت فيها فتح، أو فازت بها حماس آليات عمل وقدرات لحل هذه المشكلات؟!
هذا ما يشكك به الجهاد الإسلامي، وربما يمتلك في موقفه بعض الحقيقة، وليس كل الحقيقة، ولكن السؤال المقابل يقول: وهل تركها يمثل إسهامًا أفضل في حلِّ المشكلات؟!
إن الإجابة عن السؤال بنعم، أو لا، يضعنا وجهًا لوجه مع البديل؟! أي ما هو البديل الذي يطرحه الجهاد الإسلامي لحل هذه المشكلات كلها أو جلها؟! والبديل ليس مطلوبًا من الجهاد وحسب، بل هو مطلوب من حماس، وفتح، وكل مواطن خبير ومهتم. والجواب يقع في أوعية سيدنا عمر بن عبد العزيز بلا منازع.
تولى عمر الحكم بالتوريث، وليس بالانتخابات، وحكم سنتين، وقدم نموذجًا في الحكم يقوم على العدل، والزهد، وقمع الفساد، وحماية حقوق الضعفاء، حتى فاض المال، فأطعم الطير، وزوج الشباب. وعليه فإن نموذج الحكم هو الحل، وهو البديل. فهل تملك الانتخابات أن تقدم لنا نموذجًا في الحكم أساسه العدل؟! هل نجاح فتح وعباس فيها سيقدم هذا النموذج؟! وهل فوز حماس فيها سيقدم النموذج؟! لذا وجب على الجهاد المشاركة في صناعة النموذج، إن كان النموذج هو الحل، وهو البديل، كما أرى.
أنا لست متفائلًا في مخرجات الانتخابات، وأن تأتي بالنموذج، لأن النموذج يتطلب أولًا التخلص من الاحتلال، ومن التبعية الاقتصادية والأمنية، والتخلص من الفساد الداخلي والحزبي، ومن حب الذات، والتفرد في الحكم. وهذه الأمور لها طرق غير طريق الانتخابات؟!