فلسطين أون لاين

​إرباك إسرائيلي أمام تشابكات المنطقة المتضاربة

مع تزايد الأحداث الأمنية والعسكرية المتلاحقة في المنطقة، لم يعد كبار الجنرالات الإسرائيليون يترددون في الحديث عن قناعات كان يتم تداولها سراً، واليوم بات الكشف عنها حقيقة ماثلة، ومفادها بأن الوضع الأمني لإسرائيل على شفا الهاوية أمام ما يحصل في المنطقة، لا سيما في ظل قيادة إسرائيلية حالية تمعن في الغرق في القضايا السياسية والحزبية الداخلية، ولا تحاول الشروع في حل الإشكاليات الأمنية التي تواجهنا.

هذه القناعة الإسرائيلية المقلقة تعود في بعض أسبابها إلى أن إسرائيل تجد نفسها أمام شرق أوسط جديد، وبالتالي فإن إلقاء نظرة فاحصة على الواقع الإسرائيلي اليوم يعطي انطباعا مخيبا للآمال على حجم الإرباك الذي تعيشه إسرائيل في ظل ما تشهده من تطورات تحصل في الملعب الإقليمي.

لم يعد سرا أننا أمام سياسة أمنية كارثية في إسرائيل، وهذا باعتراف عدد من كبار قادة المخابرات والجيش الإسرائيلي، الذين يسعون ويطالبون بإجراء تغيير جوهري وأساسي في تركيبة القيادة الإسرائيلية الحالية، على أن تحظى بدعم القيادة العسكرية الصارمة.

إن الإشكالية التي تعيشها إسرائيل تعود في الأساس إلى غياب قدرتها على الحوار مع أطراف اللعبة الإقليمية، فقد بات واضحا أنه ليس لدينا ما نتحدث بشأنه مع ترامب المتذبذب، أما بوتين فهو يعرف بالضبط ما الذي يريده، في حين أن أي دعوة للحديث مع أردوغان تبدو عبثا.

مع العلم أن الرؤية الإسرائيلية لما تشهده المنطقة عموما، من تطورات متلاحقة، خاصة بعد الانسحاب الأمريكي من شمال سوريا، تعطي دلالة حملتها هذه الخطوة، وتتمثل بعدم الجدوى الكاملة من الاعتماد على الحلفاء.

إن الصورة الإسرائيلية المتكاملة للأحداث تشير لجملة دلالات، أولاها عملية عسكرية تركية بدعم أمريكي في شمال شرق سوريا، عنوانها الأساسي الأكراد الذين خاضوا خلال السنوات الماضية حربا أمريكية ضد تنظيم الدولة.

ورغم ذلك فإن التطور الثاني أمام إسرائيل يتمثل بإزالة الغطاء السياسي الأمريكي عن الأكراد، وهذا حدث خطير في الساحة السورية، فضلا عن التطور الثالث الذي يكمن في زيادة عدد اللاعبين المنخرطين في الساحة السورية، مقابل الضعف المتنامي لنظام الأسد هناك.

في الوقت ذاته، فإن التقدير الإسرائيلي اليوم لموازين القوى السائدة في المنطقة، يشير إلى أن القوة الأقوى اليوم في سوريا هي تركيا، بجانب الروس والإيرانيين، فالروس يحاولون السيطرة عمليا على الشاطئ السوري، والإيرانيون يحاولون اكتساب مزيد من النفوذ الديني والثقافي وبعض الاقتصادي في أنحاء سوريا.

يبقى السؤال الإسرائيلي الأهم يتعلق بتقييم هذه التطورات المتلاحقة، والخشية من كيفية قراءة الإيرانيين للانسحاب الأمريكي من المنطقة من جهة، وخذلانهم لحلفائهم الأكراد من جهة أخرى، وموقع إسرائيل من هذه التشابكات المتضاربة!