فلسطين أون لاين

تقدير موقف

​"المعركة بين الحروب".. الإستراتيجية الإسرائيلية لاستباحة المنطقة

بينما يتواصل العدوان الإسرائيلي على أكثر من بلد عربي، تارة لمنع إيصال الوسائل القتالية، وتارة أخرى لاستهداف القواعد العسكرية، كشف الجيش الإسرائيلي أن السنة الحالية 2019 كانت الأكثر كثافة في الطلعات الجوية والضربات التي استهدفت الأهداف والمواقع خارج الحدود، لا سيما منذ اندلاع ما بات يسمى إستراتيجية "المعركة بين الحروب".

لقد جعل الواقع الجديد في الشرق الأوسط، الأمور أكثر تعقيدا أمام سلاح الجو الإسرائيلي، مما جعل الأشهر المنصرمة من الفترات الأكثر عملا وتكثيفا في الهجمات التي نفذها ضمن تلك الإستراتيجية من خلال تنفيذ مئات الضربات الجوية، في ظل حالة التحديات التي يفرضها علينا الطرف الآخر المعادي لإسرائيل في المنطقة.

بدأت الإستراتيجية المسماة "المعركة بين الحروب" في 2013، وهو الكود السري للإستراتيجية التي وضعها الجيش الإسرائيلي زمن قيادة بيني غانتس للجيش، وقام بتعزيزها غادي آيزنكوت، واليوم يسير أفيف كوخافي على خطاهما في السياسة ذاتها، وتتمثل بتنفيذ عمليات عسكرية خارج الحدود؛ بغرض إبعاد شبح الحرب الشاملة.

منذ ذلك الوقت نفذت إسرائيل مئات الضربات الجوية والهجومية في أماكن مختلفة من الشرق الأوسط، وتحديدا في سوريا، ومؤخرا وسعت ضرباتها لتشمل أهدافا في العراق، وبدلا من شن حرب شاملة كل عشر سنوات، فإن السنة الواحدة تشن فيها إسرائيل عشرات الحروب، بحيث نقوم بتقسيط الحرب الواحدة إلى عدة دفعات، بدل أن تكون لمرة واحدة.

مع العلم أن جميع عمليات إستراتيجية المعركة بين الحروب التي ينفذها الجيش الإسرائيلي تبقى مجهولة الهوية، ولا يتم الإعلان عنها، باستثناء حالات نادرة تأخذ إسرائيل على نفسها مسؤولية تنفيذها، وحينها يظهر نقاش فيها حول مدى مصداقية ووجاهة أن تأخذ على عاتقها هذه المسؤولية، بدل الإبقاء على سياسة التعتيم والضبابية.

ورغم ما تقوم به إستراتيجية المعركة بين الحروب من إنجازات، من وجهة نظر إسرائيل، لكن ذلك لا ينفي وجود جدال حاد بين قادة المنظومة الأمنية الإسرائيلية حول جدواها وعوائدها على الأمن الإسرائيلي، فمن يعارضونها يعتقدون أنها تخلق احتكاكا عملياتيا دائما من شأنه أن يكشف قدرات الجيش الخفية، ويمنح العدو القدرة على تحسين قدراته، ويطورها، وفي النهاية هذه العمليات فقط من شأنها إعاقة إمكانات الطرف الثاني، ولا توقفها نهائيا.

في المقابل، فإن من إيجابيات هذه الإستراتيجية، مجددا من وجهة النظر الإسرائيلية، منح سلاح الطيران الحرية في العمل، والتحرك في كل الأنحاء دون قيود، لا سيما جمع المعلومات الأمنية والاستخبارية، رغم أنها دفعت أعداء إسرائيل على القدرة على التخفي من الطيران، ما يتطلب منها العمل على تحسين قدراتها بصورة دورية!