أكد نائب رئيس الحركة الإسلامية في الأراضي المحتلة عام 1948، الشيخ كمال الخطيب، أن المسجد الأقصى يمر بمرحلة خطيرة وغير مسبوقة، ويعود ذلك لشعور المؤسسة الإسرائيلية بالطمأنينة وعدم وجود مَنْ يُنغص عليها سياساتها ومشاريعها وإجراءاتها ولو حتى ببيانات إدانة.
وقال الخطيب في حوار خاص بصحيفة "فلسطين" إن هذا الوضع يأتي في ظل الواقع العربي المحيط الذي من الواضح أنه أدار ظهره للقضايا العربية عمومًا، والقضية الفلسطينية خصوصًا، وهذا ما يلحظه كل متابع للواقع الفلسطيني.
وأضاف أن كل ذلك يأتي في ظل وجود أنظمة عربية تسعى بلا حياء أو خجل لمد جسور التطبيع والتواصل مع (إسرائيل)، عدا عن الشخصيات التي تزور القدس المحتلة رافعة راية التطبيع وتشكك في كون المسجد الأقصى هو المنصوص عليه في القرآن.
ورأى أن كل ما مضى يجعل الاحتلال يندفع باتجاه تنفيذ انتهاكاته تجاه القدس والأقصى، بعد أن كان في الماضي مترددا؛ خشية ردات الفعل العربية، مشيرا إلى أنه في موازاة الوضع العربي البائس هناك التنسيق الأمني بين السلطة والاحتلال في الضفة الغربية المحتلة، الذي يعمل بشكل غير مسبوق على كبح جماح أي صوت قد ينطلق نصرةً للقدس والأقصى.
وعد أن "الصمت المريب في الضفة الغربية ليس لأن أهلها لم يعودوا أوفياء للقدس والأقصى، لكن لأن العصا الثقيلة للأجهزة الأمنية تمعن في قمع أي حراك يناصرهما، ما يحول دون تفاعل شعبنا لنصرتهما، الأمر الذي يتيح للمؤسسة الإسرائيلية القيام بإجراءات غير مسبوقة بحقهما".
حظر الحركة الإسلامية
ونبّه الخطيب إلى أن تصريحات وزير الأمن الداخلي بحكومة الاحتلال، جلعاد أردان، بأنه سيفتح الأقصى على مصراعيه لليهود، ورئيس "الشاباك" السابق آفي ديختر، عن احتمالية نصب البوابات الإلكترونية على مداخل الأقصى مجددًا "ليس عفويا، بل هو نابع من أن المؤسسة الإسرائيلية تشعر باختلاف بين يوليو/ تموز 2017 حين أفشل المقدسيون تركيب البوابات، وواقع القدس في 2019 فلسطينيا وعربيا وإسلاميا".
وأكد أن الواقع القائم بالقدس صعب وقاتم، حيث نرى ما يفعله الاحتلال في باب الرحمة إذْ يدنسه بالأحذية ولا يعده مسجدا، وسرق سجاد الصلاة منه والمصاحف، مقابل موقف أردني "كنا نتمنى أنْ يكون أكثر قوة كون وصايته على الأقصى مدعومة عربيا وإسلاميا وشعبيا، لكن ضعف موقف الأردن قد يكون من خشيته من خذلان الدول العربية له، في ظل واقع السياسات القائمة في الشرق الأوسط وموازين القوى".
وذكر أن هناك واقعا جديدا قد نشأ بعد حظر الاحتلال الحركة الإسلامية عام 2015 وإخراجها عن القانون وعدها "تنظيما إرهابيا" وإغلاق مؤسساتها التي كان جهدها ينصب على خدمة الأقصى، كمسيرة البيارق والقدس للتنمية، فكانت رئة قوية جدا له، ورغم أن فلسطينيي الـ48 لم ينقطعوا عنه ويمكثون فيه باستمرار ويشدون الرحال إليه، إلا أن غياب المنظومة التي كانت تحشد للرباط فيه والنفير حال اقتحامه أضعف من ذلك الوجود.
وأضاف أن حال المقدسيين كذلك ليس ببعيدة عن فلسطينيي الـ48، حيث يتعرضون لهجمة غير عادية من أجهزة أمن الاحتلال ويتعرضون للغرامات المالية الباهظة على البيوت والتجارة وغيرها من الإجراءات التعسفية، ما يجعل المقدسي يعيش حالة غير عادية في ظل محاولته الإفلات من ضيق العيش الذي يمر به بسبب هذه السياسات.
فشل الرهان
وعن الأوضاع الداخلية لفلسطينيي الـ48، حيث تشهد ارتفاعا في جرائم القتل، رأى الخطيب أن ذلك ليس بمعزل عن الوضع في الأقصى، حيث شاهد الاحتلال ما حدث في انتفاضة الأقصى عام 2000 حينما دنسه رئيس الوزراء السابق أرئيل شارون وهب فلسطينيو الـ48 بجانب أشقائهم في الضفة والقدس لنصرته، فارتقى منهم 13 شهيدا.
ولفت الخطيب إلى أن الاحتلال أدرك أن رهانه على التهويد و"الأسرلة" ومسح الهويةلفلسطينيي الـ48، قد فشل، خاصة مع تواصل التحامهم مع شعبهم بعد عشرات السنين من "النكبة".
ونبه إلى أن الاحتلال غيّر سياساته تجاه فلسطينيي الـ48، فسهل لهم دخول السلاح والمخدرات وعمل على نشر الرذيلة والضرب على وتر العصبية والطائفية العائلية والحزبية، حيث نشهد منذ عام 2000 انفلاتا للسلاح، وقد صرح أردان أن 70% من السلاح في أراضي الـ48 مصدره مخازن الجيش الإسرائيلي.
ومضى بالقول: "ما داموا يعرفون مصدر هذا السلاح ويغضون الطرف عنه فهذا يعني أنهم يريدون نشر الجريمة والقتل من أجل الثأر والقتل المضاد بين فلسطينيي الـ48، حتى ينشغلوا بأنفسهم، ويقل اهتمامهم بالأقصى والقضايا العامة".
وأضاف: "الناس الآن منشغلون بمَنْ قُتل أمس ومَنْ سيُقتل غدا، حيث قتل 75 مواطنا منذ بداية 2019، و1490 مواطنًا منذ عام 2000، فالوضع غير اعتيادي، وسبب ما يحصل هو سياسة نشر وانفلات السلاح المتعمدة لغاية في نفس أردان ونتنياهو".
ورغم قتامة المشهد فإن الخطيب يرى أن شعبنا لن يتخلى عن القدس والأقصى، وأن تصريحات أردان وغيره من مسؤولي الاحتلال لن تخيفه وتثير الرعب في نفسه، بل ستتحطم مشاريعهم السوداء على صخرة الأقصى الصلبة.
وقال: "سينتهي احتلالهم كما انتهى احتلال الصليبيين الذي استمر 70 عاما، فاحتلالهم ليس بدعًا عن سبعة عشر احتلالًا سابقاً تعرضت لها القدس وانتصرت عليها، فلن يكون المسجد الأقصى إلا خالصاً للمسلمين ولن يصبح هيكلًا".