تساؤلات عديدة ما زالت دون إجابة يطرحها الإسرائيليون عقب تحذيرات أفيف كوخافي قائد هيئة الأركان الإسرائيلية من تدهور الوضع الأمني، وصولًا للحرب في المرحلة القريبة في ظل تغيرات المنطقة.
إعلان كوخافي لم يمنح للمراقبين هامشًا واسعًا للتأكيد بأن الوضع في الجبهتين الشمالية والجنوبية متوتر وهش للغاية، وقابل للتدهور في أي مواجهة عسكرية، مما يجعل الجيش في حالة استعدادات وجاهزية غير مسبوقة.
تتزامن تصريحات كوخافي مع تزايد التقديرات الإسرائيلية بشأن ذهاب الوضع الأمني إلى التدهور خلال السنة الوشيكة، ويمتد هذا التدهور من قطاع غزة إلى إيران، على اعتبار أن الجبهة الشمالية التي تتصدى لها إسرائيل تبدأ في بيروت، وتنتهي في طهران، مرورا بدمشق وبغداد، والهجمات الإسرائيلية ضدها قد لا تمر مستقبلا دون رد إيراني، في حين أن الأنظار الإسرائيلية تتوجه كلها إلى قطاع غزة.
جسدت الشهور الأخيرة تجسيدا جديدا لوضع أمني قد يضع حدا لثلاثة عشر عاما من الهدوء، فقد انتهى الزمن الذي تعمل فيه إسرائيل في سوريا دون رد إيراني، وفي طهران يجدون صعوبة في تحمل المزيد من الضربات دون رد، وهناك نوايا إيرانية واضحة في الاستعداد لتحضير ردود على الهجمات الإسرائيلية.
وبينما قد تشهد الأيام الحالية تحضيرات يقوم بها الإيرانيون وحلفاؤهم في أكثر من عاصمة، فإن العين الإسرائيلية ما زالت مسلطة باتجاه غزة، ما يعني أن إسرائيل تترقب كلا الجبهتين، وتخرج باستنتاج مفاده أن السنة القادمة تبدو أقل هدوءًا من الناحية الأمنية مقابل السنة اليهودية المنصرمة.
لم يعد سرًا أن الشرق الأوسط يشهد تطورا خطيرا تمثل بمهاجمة منشآت النفط السعودية التي شكلت اختبارا للقدرات الإيرانية، وأدرك الإيرانيون أن الولايات المتحدة تبدي ضبطا للنفس، وتبقى مكتوفة الأيدي أمام السعوديين، ورأى الإيرانيون أن الأمريكيين خانوا حلفاءهم الأكراد ودول الخليج، مما يعني أن إسرائيل ستبقى وحدها في هذه المعركة، وبإمكان الإيرانيين أو أيًا من أذرعهم الدخول في مواجهة عسكرية معها، مما يجعل هذا التطور طوق النجاة لطهران أمام العقوبات الدولية عليها.
تتوافق الأوساط الإسرائيلية على أن التحدي الاستراتيجي يكمن في الجبهة الشمالية المستندة إلى مشروع الصواريخ الإيرانية الدقيقة، وانتشار القوات الإيرانية في أراضي الدول الأخرى في لبنان وسوريا والعراق.
كما أن التحذير الإسرائيلي من التدهور إلى حرب في المنطقة، يأتي على خلفية القرار الأمريكي بالانسحاب من سوريا، وفقدان الرد على الهجمات الإيرانية على منشآت النفط السعودية، والخشية الإسرائيلية أن عدم وجود رد على إيران سيشجعها على المزيد من التصعيد، وربما تكون أمام إسرائيل في المرة القادمة.