في سابقة سياسيّة، أعلن رئيس الوزراء الفلسطينيّ محمّد اشتيّه، أنّنا "سنمنع جيش الاحتلال من اقتحام مناطق "أ" بالضفّة الغربيّة، ليس بالعنف، وإنّما بأجسادنا".
لعلّها المرّة الأولى التي يتعهّد فيها مسؤول فلسطينيّ كبير بمنع دخول الجيش الإسرائيليّ لمناطق "أ"، من دون أن يوضح كيف، لأنّ السلطة تلاحق الفصائل المسلّحة التي قد تمنع الاجتياح الإسرائيليّ للأراضي الفلسطينيّة، ولا تشجّع المقاومة الشعبيّة من الناحية العمليّة في الضفّة الغربيّة.
في فترات لاحقة، حين كانت الاتصالات السياسيّة قائمة بين السلطة وإسرائيل، لم يدخل الجيش بدوريّاته مناطق "أ"، بل يرسل المعلومات اللاّزمة للأمن الفلسطينيّ، وهو بدوره يقوم بالمهمّة في اعتقال المطلوبين عبر تنسيقهما الأمني.
شهدت الضفّة منذ أوائل عام 2019 عودة لسياسة الاقتحامات الإسرائيلية لمناطق "أ"، لملاحقة الخلايا المسلّحة التي تخطّط لتنفيذ هجمات فدائية، وتتزامن مع التعهّد الإسرائيليّ بضمّ مناطق من الضفّة.
دأب الجيش الإسرائيليّ على نشر مقاطع فيديو يظهر فيها جنوده خلال عمليّات اقتحام لمناطق قلقيليّة وطولكرم وجنين ونابلس في الضفّة الغربيّة، وتصوّر عمليّات مداهمة واقتحام والقبض على فلسطينيّين.
تعتمد اقتحامات الجيش الإسرائيليّ لمناطق "أ" والتنسيق مع الأمن الفلسطينيّ، بناء على كلّ حالة بمفردها، وطبيعة علاقات المسؤولين الأمنيّين من الجانبين، فكلّ مرحلة تختلف عن سواها، فحيناً يتمّ التنسيق المسبق قبل دخول هذه المناطق، بحيث يتمّ اختفاء الأمن الفلسطينيّ من المكان المطلوب، وأحياناً، يرسل الجيش الإسرائيليّ قوّات خاصّة إلى مناطق "أ" لا يتمّ إبلاغ الأمن الفلسطينيّ عنها كي لا يتمّ كشفها وتعريضها للخطر.
يفيد شكل الاجتياحات الإسرائيليّة لمناطق "أ" في الضفّة الغربيّة وطبيعتها بأنّ الاقتحامات تمتدّ ساعات طويلة، بمشاركة أعداد كبيرة من الآليّات العسكريّة، وتبدأ في وضح النهار، وتستمرّ حتّى ساعات الليل المتأخّرة، واقتربت في بعض الأحيان من مقرّ رئيس السلطة ووكالة "وفا" الرسميّة للأنباء، ومجلس الوزراء.
تصول إسرائيل وتجول في الضفّة بحريّة، ولا تعترف بتقسيماتها الجغرافيّة: أ، ب، ج، لأنّها لا تُعنيها أمام تحقيق أهدافها الأمنيّة بملاحقة المسلّحين، في الضفّة حين تكون عمليّة إسرائيليّة بمناطق أ، يتمّ الاتصال بالأمن الفلسطينيّ لإخلاء قوّاته، وإنّ تكرار الاجتياحات الإسرائيليّة دليل على عدم اعتمادها على الأمن الفلسطينيّ لتوفير المعلومات المطلوبة، الأمر الذي يضطرّ الجيش إلى إرسال قوّاته بنفسه لمناطق "أ".
في كثير من الأحيان، لا تنسّق إسرائيل مسبقاً مع السلطة قبل اقتحام مناطق "أ"، بل تقوم بإبلاغها ليس أكثر لإخلاء مواقعها، لأنّها تريد من تكرار الاجتياحات يوميّاً إيصال رسالة إلى الفلسطينيّين بأنّها من تسيطر على الضفّة، ويعتقد الفلسطينيّون أنّ تخفيف السلطة إجراءاتها ضدّ الفصائل المسلّحة في الضفّة وسماحها للمقاومة الشعبيّة بالانطلاق فعليّاً، سيقلّل من هذه الاجتياحات.