فلسطين أون لاين

الإسرائيليون يبحثون عن قائد من جيل التأسيس

أحد المؤشرات الأساسية التي تظهرها الأزمة السياسية الصعبة التي تعيشها (إسرائيل) في الشهور الأخيرة، وتمثلت بإجراء دورتين انتخابيتين متتاليتين، وقد تأتيها دورة ثالثة، وهي سابقة تاريخية منذ تأسيس الكيان على الأرض الفلسطينية، أن هناك أزمة قيادة حقيقية في (إسرائيل)، التي باتت بحاجة ماسة إلى قائد، من أولئك القادة المؤسسين.

يبدو من الصعب على نتنياهو الذي يصف نفسه اليوم بأنه "ملك ملوك (إسرائيل)" أن يوضع في مقارنة مع أولئك القادة السابقين، ممن وضعوا اللبنات الأولى في هذا الكيان، وسجلوا إنجازات كبيرة في تاريخ الدولة من جهة، واستطاعوا اتخاذ قرارات تاريخية، ما زالت بصماتها ماثلة حتى هذه اللحظة من جهة أخرى.

تنشغل هذه السطور باستعراض أبرز رؤساء حكومات إسرائيلية انخرطوا في مراحل التأسيس الأولى للكيان الإسرائيلي، الذي آلت أحواله في هذه الأيام مع قادة الجيل الثاني والثالث لأن تتجاذبهم مصالحهم الشخصية على حساب المشروع الصهيوني، ما ينذر بنهايات قاسية، وهي السنن الكونية في صعود الدول وسقوطها.

نبدأ بـ"ديفيد بن غوريون، الذي اتخذ قرار الإعلان عن إنشاء دولة الاحتلال في نهاية مرحلة الانتداب البريطاني، رغم التطورات التي أتبعت ذلك القرار من عزلة دبلوماسية وإستراتيجية في أوائل عهد (إسرائيل)، ووجود تقديرات شبه مؤكدة عن نوايا الجيوش العربية لاجتياح الأراضي الفلسطينية خلال وقت قصير.

أما مناحيم بيغن الذي "تنازل" وفق المفهوم الإسرائيلي عن بعض الأراضي العربية المحتلة، وتفكيك المستوطنات، من أجل التوصل إلى سلام مع مصر، رغم القطيعة التي لقيها من رفاقه في معسكر اليمين الإسرائيلي، في حين عبر إسحاق رابين عن الحاجة الماسة إلى عملية السلام مع الفلسطينيين، انطلاقا من قناعته بعدم التفوق الأخلاقي للاحتلال، واعتقاده بأن السياسة الفلسطينية السائدة آنذاك تستطيع تقدير الانسحاب الإسرائيلي باتفاق سلام.

أما أريئيل شارون، أحد قادة مشروع الاستيطان خلال عقود طويلة، فهو لم يخفِ لحظة واحدة بعد أن قرر الانسحاب من غزة في محاولة للانفصال الإسرائيلي عن الفلسطينيين بعد انهيار عملية التسوية.

اليوم والحديث الإسرائيلي المستمر عن الانتخابات الثانية وربما الثالثة، فإنها تضع الدولة على مفترق طرق، لأنها قد تكون أمام سيناريوهات كابوسية لأجيال عدة قادمة، ومن المتوقع أن تشرع بخوض عدد يبدأ ولا ينتهي من المواجهات الدامية، داخليا بين الإسرائيليين أنفسهم، وخارجيا مع الفلسطينيين والعرب.

إن غياب الزعيم الإسرائيلي الحقيقي ساهم في تراجع الكينونة الإسرائيلية التي سادت في عقودها الأولى، رغم تفوقها الحالي سياسيا وعسكريا واقتصاديا، ما يدفع الإسرائيليين للبحث عن زعيم يستلهم تجارب آخرين باتخاذ قرارات مصيرية، لأن وجود قائد إسرائيلي يحقق المصلحة الإسرائيلية الأهم على المدى البعيد، فـ(إسرائيل) القوية عسكريا لن تكون محصنة من خطر الدولة ثنائية القومية في المستقبل المنظور!