فلسطين أون لاين

​استهجان فلسطيني لمساعي السلطة تسييس وترويض "القضاء" بالضفة

...
وقفة بغزة - عدسة صحيفة فلسطين
محافظات/ عبد الله التركماني:

فصائل: القرار جريمة ويجب مواجهته بحزم ورفض شعبي

لجنة الحريات: من يحاول إسكات صوت الشعب متخلف ومتسلط

إطلاق حملة لجمع توقيعات رافضة لقرار السلطة


استهجنت شخصيات وهيئات فلسطينية، مساعي السلطة في رام الله تسييس وترويض المؤسسة القضائية في الضفة الغربية لصالح السلطة، بعد قرار محكمة صلح رام الله بحجب 59 موقعاً إلكترونياً فلسطينياً وعربياً بطلب من النائب العام بالضفة، الأمر الذي أثار ردود فعل فلسطينية غاضبة وسط دعوات للتراجع عن القرار واحترام حريات الرأي والتعبير المكفول في القانون الأساسي الفلسطيني.

ورفض تيسير خالد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، تسييس القضاء الفلسطيني والزج به في الخلافات السياسية.

وأكد أن ذلك "يلحق أضرارا فادحة بصورة النظام السياسي الفلسطيني وسمعته ودوره على المستويات المحلية والعربية والإقليمية والدولية".

واستنكرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القرار، داعية السلطة إلى التراجع عنه.

واعتبرت الجبهة في بيان، أن استهداف السلطة للمواقع الإعلامية جريمة يجب أن تواجه بحزم ورفض شعبي، مؤكدة أن هذا القرار بحق عشرات المواقع الإعلامية يمُثل تجاوزاً للقوانين الفلسطينية التي أكدت على حرية النشر والتعبير عن الرأي والحق في الانتقاد والكشف عن حالات الفساد داخل منظومة السلطة.

وحذرت من عملية الخلط المتعمدة التي تقوم بها السلطة بوضع بعض المواقع الفلسطينية المهمة في سلة واحدة مع بعض المواقع المشبوهة أو الوهمية، والتي ينُظر لها أنها محاولة لشيطنة المحتوى الفلسطيني المقاوم.

كما دان المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، القرار، وعده مؤشرا خطيرا على ارتفاع منسوب انتهاك الحريات في فلسطين.

وشدد المكتب الصحفي في بيان، على أن القرار القضائي يُعد تضييقاً على الحريات الإعلامية ومساساً بحرية الرأي والتعبير المكفولة دولياً، وانتهاكاً فاضحاً للقانون الأساسي الفلسطيني وقانون المطبوعات والنشر.

ودعا المكتب الصحفي للجبهة رئيس حكومة رام الله محمد اشتية للوفاء بتعهداته التي أكد فيها أن حكومته رفعت سقف الحريات وتصون حرية الرأي والتعبير، وبالقيام بدوره لوقف قرار حجب المواقع والصفحات الإلكترونية ووقف العمل بقانون الجرائم الإلكترونية المرفوض نقابياً وشعبياً.

من ناحيته، رفض الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية د. مصطفى البرغوثي، قرار حجب المواقع، موضحا أن هذا القرار يتعارض مع القانون الأساسي ومع حرية الرأي والتعبير ومع الاتفاقات الدولية التي وقعتها فلسطين.

وأردف البرغوثي: "لا أعرف لماذا اتخذت السلطة هذا القرار!، وكل ما أعرفه أنه قرار غير صائب والسلطة مطالبة بإلغائه فورا".

ولفت إلى أنه من المنطقي أنه في حال هناك كانت نية حقيقية لإجراء انتخابات يجب أن تتوفر أجواء مناسبة لحرية الرأي والتعبير.

عدوان صارخ

ودان المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، قرار حجب 59 موقعا إلكترونيا، ومن بينها الموقع الإلكتروني (فلسطينيو الخارج) وصفحات التواصل الاجتماعي للمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج.

واعتبر المؤتمر الشعبي هذا القرار مخالفا للقوانين وعدوانا صارخا على الإعلام الفلسطيني الذي يكشف حقيقة ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من إجرام من قبل الاحتلال الإسرائيلي.

ورأى المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج هذا القرار استكمالا لسياسة الاحتلال في استهداف وسائل الإعلام الفلسطينية لمنع الحقيقة وفضح ممارساته الإجرامية بحق الشعب الفلسطيني.

وأكد المؤتمر أنه سيتخذ كافة الإجراءات القانونية ضد هذا القرار الصادر عن محكمة رام الله التي لا سلطة شرعية لها على الفلسطينيين في الخارج.

فيما قالت رابطة الصحفيين الفلسطينيين في الداخل المحتل: إنّ الصحافة الحرة والموضوعيّة هي التي تعكس كافة المواقف وتعبر عن كافة التطلعات والآمال وأي قرار يمنع هذا التنوع يعد سياسة لكتم الأفواه.

وشددت على أنّ مشروعنا الوطني الفلسطيني يتحقق بالتحرر من نير الاحتلال، إلا أنّ تحقيق هذا التحرر مشروط بإنشاء مجتمع حر، رافض للقمع والسياسات القمعيّة.

وقالت الرابطة: إنها تنظر بخطورة كبيرة إلى هذا القرار، لا سيما أنه يعزز الرقابة الذاتيّة لدى الصحفيين، ويبعدهم عن المهنية ويضعهم في خانة "صحافة البلاط".

وطالبت الرابطة السلطة، بالعدول عن القرار، والعمل على تعديل البند رقم 10 من قانون الجرائم الإلكترونية الصادر عام 2018، وصولا إلى مجتمع فلسطيني يحترم الصحافة، والتعددية الفكرية ويصون الحريات الإعلاميّة.

تخلف وتسلط

من جهته، قال خليل عساف عضو لجنة الحريات في الضفة الغربية، إن توقيت حجب عشرات المواقع الفلسطينية في ظل حديث السلطة عن انتخابات يعد أمرا مريبا.

وتابع: "يجب أن تتوقف حالة التفرد القائمة والمفروضة على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، والنظام الذي يحاول إسكات صوت الشعب هو نظام متخلف ومتسلط".

وقال إن الهدف من حظر المواقع هو إرسال رسالة من السلطة للشعب بأن هذا البلد لي وممنوع لأي أحد أن يتكلم إلا بما أمليه عليه.

وشدد عساف على أن قانون الجرائم الإلكترونية الذي أقرته السلطة هو أسوأ ما تم عمله مع شعب يرزح تحت الاحتلال، كونه يعد قتلا للروح الوطنية والكرامة والحقوق.

وأكد أن هناك تحركا حقيقيا لوقف هذا القانون الجائر لأنه يعد احتقارا لعقل وكرامة الإنسان الفلسطيني.

كما انتقدت الجالية الفلسطينية في أمريكا القرار، الذي طال صفحات الجالية الفلسطينية في أمريكا وجميع مواقعها الالكترونية، لافتة إلى أن القرار لم يشمل أي موقع إسرائيلي أو حتى مواقع التطبيع مع الاحتلال.

وأدانت الجالية القرار واعتبرته انتهاكا صارخا لحرية الرأي في المجتمع الفلسطيني، ومحاولة بائسة لشرعنة سياسات تكميم الأفواه وتفتيت المجتمع الفلسطيني.

وأصدر "ملتقى فلسطين " بيانا يدعو فيه للمشاركة في التوقيع ضد اجراءات سلطة رام الله في حجب 59 موقعا اخباريا.

وقال البيان: إننا في "ملتقى فلسطين"، الذي يعبر عن مجموعة من الشخصيات الفلسطينية من سياسيين وكتاب وأكاديميين وفنانين، من مختلف تجمعات شعبنا في فلسطين التاريخية، وبلدان اللجوء والشتات، إذ نستهجن وندين هكذا قرار، فإننا نربأ بالجسم القضائي الفلسطيني أن يورط نفسه في الحد من الحق في الحرية، والاستقالة من دوره في الإشراف على دستورية الإجراءات والقوانين من قبل السلطتين التنفيذية والتشريعية، ونطالبه بالعمل على إلغاء القرار المذكور".

وأضاف البيان: "إن جوهر الخلل الحاصل يكمن في تحول حركة التحرر الوطني الفلسطيني إلى سلطة تحت الاحتلال، بحيث إنها أضحت سلطة على شعبها فقط، في حين السلطة العليا في كل شيء لـ(إسرائيل)، التي باتت تعيش في واقع من الاحتلال المريح والمربح، وحولت السلطة إلى وكيل لإدارة شؤون الفلسطينيين، الذين كانوا، قبل قيام السلطة، أكثر قوة وتحررا ووحدة في مواجهة (إسرائيل) وسياساتها، منهم بعد قيامها".

إساءة للسلطة القضائية

وأكد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان أن حرية التعبير والصحافة مصانتان بالقانون الأساسي الفلسطيني، ويجب أن لا يفرض عليها قيوداً، إلا لحماية مصلحة مشروعة يحميها القانون في أضيق الحدود.

وشدد المركز في بيان على أن صلاحية تقييد بعض أشكال التعبير يجب أن لا تستغل بشكل تعسفي ضد الأصوات المعارضة، وأن يكون القيد ضروريا وفي أضيق نطاق، بما يسمح به مجتمع ديمقراطي تحترم فيه حرية النقد بكل صوره.

ورأى المركز أن المحكمة جانبت الصواب في قرارها، حيث توسعت في تفسير ما قد يضر بالأمن القومي والنظام العام والسلم الأهلي، وكان عليها الأخذ بالمعايير الدولية عند تفسيرها لنص المادة (39) بأن الدولة يجب أن تتسامح مع النقد اللاذع إلى أعلى درجة.

وأشار إلى أن نشر الشائعات والنجاح في إثارة الرأي العام بالأكاذيب، هو بالعادة نتاج نقص الشفافية في الجهات الرسمية وعدم ثقة الناس فيها، وبالتالي على السلطة تعزيز الشفافية والوصول للمعلومات في مؤسساتها ومحاربة تجاوزاتها إذا أرادت الحفاظ على الاستقرار.

واعتبر المركز أن ما قام به النائب العام ومحكمة الصلح يسيء للسلطة القضائية، ويعد خطوة جديدة على طريق تسييسها، وهو ما يقوض بشكل مباشر النظام العام وسيادة القانون.

ويرى المركز أن القرار يتناقض مع المساعي لعقد الانتخابات العامة، والتي يشترط لصحتها أن تكون حرة، بما يشمل حرية المشاركة، حرية الدعاية الانتخابية، وحتى حرية معارضة إجرائها. وهذا يتطلب، وبشكل أساسي، إطلاق حريات الإعلام لأعلى مستوى.

وطالب المركز النائب العام بالتوقف عن ملاحقة الصحافة وفرض القيود على حريتها، والالتزام بالاتفاقيات الدولية، ودعا لتعديل قانون الجرائم الالكترونية لعام 2018، بحيث تقتصر مسألة حجب المواقع الإلكترونية فقط للمواقع مجهولة المصدر، والتي تنتهج التعدي على مصلحة مشروعة محمية بالقانون.