مساحة حرة
بمجرد انطلاق المظاهرات في لبنان احتجاجا على الأوضاع الصعبة كان من أبرز الخطوات المقترحة هو تخفيض رواتب الوزراء والمسؤولين الكبار بنسبة 50%، وبذلك يتم توفير ملايين الدولارات سنويًّا، كما تم اقتراح رفع نسبة الضرائب على كبريات المؤسسات الربحية مثل البنوك وشركات التأمين والشركات ذات الأرباح الخيالية والتي مصدرها جيوب المواطنين، وهذه الخطوات إلى جانب خطوات أخرى لا بد أن تؤدي إلى تحسين أو إنعاش الاقتصاد اللبناني والتخفيف من معاناة المواطنين.
فلسطين محتلة ولا يوجد لدينا دولة، أي أننا ما زلنا في مرحلة الثورة، ومع ذلك فإن موازنة الرواتب لدينا أكثر مما هي عليه في دول مستقلة وخالية من الفساد بمقياس النسبة والتناسب، وأنا لا أتحدث عن رواتب الموظفين الذين يتقاضون أقل من ألف دولار شهريًّا فضلًا عن أولئك الذين بالكاد تصل رواتبهم إلى نصف هذا المبلغ وتنفد قبل منتصف الشهر، بل أتحدث عن أولئك الذين يتقاضون رواتب خيالية أو عالية مقارنة بالمستوى المعيشي داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.
يجب وقف إهدار المال العام على الرواتب غير المنطقية، بحيث يكون هناك تناسب بين الرواتب العليا في السلطة مع متوسط الرواتب في فلسطين، لا مشكلة إن كان هناك زيادة بمقدار الضعف في بعض الوظائف الحساسة، ثم قبل تحديد الرواتب لا بد من تحديد الوظائف ومن يتم صرف الرواتب لهم، فمثلا هناك مناصب في منظمة التحرير يتقاضى أصحابها أكثر من الوزراء، وغالبية رواتبهم على حساب الشعب، وهناك فصائل تتقاضى مخصصات مالية دون وجه حق، وهناك ترهل وظيفي يزيد الأعباء المالية على السلطة، ولا بد من معالجة الترهل الوظيفي وخلق فرص عمل حقيقية. ثم هناك من يعملون بوظائف وهمية وهؤلاء مثل الطفيليات تتغذى على الجسد الفلسطيني وتضره دون أي إنتاج ولا بد من محاربة هذه الظاهرة لكونها نوع من أنواع الفساد الإداري والمالي.
وأخيرًا لا بد من تفعيل قانون "من أين لك هذا؟" لكل من يشتبه بتربحه من وظيفته دون وجه حق، لا يعقل أن يصرف المسؤول مئات الاف الدولارات سنويًّا ودخله السنوي الشرعي لا يزيد على 50 ألف دولار مثلا. باختصار يجب التوقف عن التصرف كأن فلسطين عزبة أو مشروع استثماري لهذه المجموعة أو تلك، ويجب تصحيح المسار قبل أن تخرج الجماهير لتهتف ضد الفساد والفاسدين.