أجمع مراقبون فلسطينيون على أن تقرير مراقب الدولة العبرية حول الحرب الأخيرة على غزة صيف 2014، أصاب المجتمع الاسرائيلي بصدمة، عندنا كشف عن عجز جيشه عن حسم معركة مقابل مقاومة فلسطينية متواضعة الإمكانيات.
واعتبر الخبير في الشأن الإسرائيلي، فايز أبو شمالة، أن التقرير هو "اقرار رسمي إسرائيلي بالفشل العسكري والأمني والسياسي أمام المقاومة الفلسطينية"، مؤكدا أنه "سينعكس على مجمل المجتمع الإسرائيلي بالاحباط، وعلى الجيش بعدم الكفاءة وعلى الأمن بالتشكيك باستعداداته".
وأشار أبو شمالة لـوكالة "قدس برس"، إلى تصريح وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي ارئيل درعي، بالأمس عندما وجه رسالة للمجتمع الإسرائيلي، بأننا استخلصنا العبر وصححنا المسار ورممنا كل ما جاء في التقرير من أخطاء، بأنها "رسالة طمأنة للمجتمع الإسرائيلي الذي بات قلقا على مصيره ومستقبله جراء هذا الفضح الحقيقي للوضع الإسرائيلي غير المؤهل وغير القادر على أن يخترق عدة أمتار من تحصينات المقاومة الفلسطينية تحت الأرض".
في المقابل، رأى أبو شمالة في التقرير، بأنه شهادة انتصار للمقاومة من عدوه، وهي رسالة الدول العربية، بضرورة اعادة حساباتها، بعدما أثبتت المقاومة فعلا انتصارها، بامكانياتها المتواضعة على أقوى جيش في الشرق الأوسط".
وأضاف: "هذه المدرسة العسكرية الفلسطينية يجب أن تكون حاضرة أمام قادة أركان الحرب في الجيوش العربية، لماذا انتصرت المقاومة الفلسطينية أين السر في انتصارها هل هو بالإنسان أو في المعدات وهذا سؤال كبير جدا".
ولفت إلى أن التقرير برهن كذلك على أن "(إسرائيل) لها إمكانيات محدودة في النهاية، تتخبط في قرارها السياسي، كما تتخبط في ايصال سياستها للمستوى العسكري، والمستوى العسكري في إسرائيل غير قادر على حسم المعركة لانعدام المعلومات لديه".
من جهته، رأى الكاتب والمحلل الفلسطيني إبراهيم المدهون لـ "قدس برس": أن التقرير "يظهر جليا تراجع قوة الجيش الإسرائيلي في الردع من جهة، وتطور المقاومة استخباراتيا وميدانيا من جهة ثانية".
واعتبر التقرير بأنه إقرار ضمني بهزيمة إسرائيل أمام المقاومة الفلسطينية، ودليل على فشل (إسرائيل) في تحقيق أهدافها من الحرب التي شنتها على قطاع غزة خلال 51 يوما.
وأشار المدهون إلى أن هذا التقرير "يجعل دولة الاحتلال تفكر ألف مرة في شن حربا جديدة على قطاع غزة لأنها باتت تعرف إمكانيات المقاومة".
وفي السياق ذاته، أكد مدير مركز الدراسات الإقليمية في فلسطين، أيمن الرفاتي، أن التقرير أثبت مصداقية رسالة المقاومة وفعالية ونجاعة أدواتها في مقارعة الجيش الإسرائيلي خلال فترة الحرب.
وقال الرفاتي لـ "قدس برس": "إن سلاح الأنفاق كان ناجحاً وأدى دوراً استراتيجياً مهماً خلال المعركة وأعطى المقاومة القدرة على المفاجئة وإرباك الجيش الإسرائيلي، ولا يزال هذا السلاح كابحاً للاحتلال قبل الدخول لأي حرب جديدة أمام القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية".
وأضاف: "أثبت التقرير أن الجيش الإسرائيلي هو من ذهب للحرب بتحريض سياسي من قبل قادة اليمين، وأظهر أن (إسرائيل) لم يكن لديها هدف استراتيجي في الحرب، وعليه لم تحقق أي نتيجة يمكن البناء عليها مستقبلا، كما اظهر حجم التردد والصدمة التي عاشتها قيادة (إسرائيل) بفعل صلابة المقامة الفلسطينية خلال الحرب".
وأشار الرفاتي إلى أن التقرير "كشف حجم الصراعات والمنافسة السلبية بين أجهزة الأمن في (إسرائيل)، ما أفقدهم عنصر التعاون وتبادل الأدوار".
وتوقع أن يتأثر نتنياهو بقضايا فضائح الفساد وسيعاد ذبحه بتقرير مراقب الدولة في حال ثبتت قضايا الفساد ضده، وذلك يحتاج لفترة لا تقل من ستة أشهر.
ولكنه استدرك بالقول: "إن نتنياهو مراوغ لكن في الغالب سيتورط ويسقط نتيجة قضية الفساد، وسيطرته على القضاء تفيد اليمين بشكل عام في تمرير قضاياهم لكن في قضايا الفساد يكون الأمر مختلف نسبياً، لأنها تمس مكونات أساسية في الدولة".
واتهم مراقب الدولة العبرية يوسف شابيرا، أمس الثلاثاء، نتنياهو وقادة عسكريين كبار بسوء الاستعداد لمحاربة أنفاق المقاومة في قطاع غزة، خلال الحرب الأخيرة صيف عام 2014.
وكان "شابيرا" قد نشر أمس تقريره حول الإخفاقات الإسرائيلية بخصوص العدوان العسكري الأخير على قطاع غزة.
يذكر أن شابيرا كلف بإعداد التقرير في ايلول/ سبتمبر 2014، فورا بعد انتهاء الحرب على غزة التي استمرت قرابة شهرين، بعد تصاعد المطالبات داخل المجتمع الإسرائيلي وبعد الاتهامات بوجود إخفاقات خلال الحرب وأن ما جرى لم يكن انتصارا كما حاولت الحكومة والمؤسسة الأمنية تصويره.
ونفى نتنياهو بشكل متكرر الاتهامات بعدم إطلاع الوزراء على خطر الأنفاق ، مؤكدا انه اطلع الوزراء على الوضع بشكل منتظم.
وأسفرت حرب 2014 عن سقوط 2251 شهيدا من الفلسطينيين بينهم 551 طفلا بحسب الامم المتحدة، في حين قتل 75 جنديا اسرائليا خلال تلك الحرب.
وشنّت إسرائيل بتاريخ 7 تموز/ يوليو 2014، عدواناً عسكرياً على قطاع غزة دام 51 يوما متواصلا، وأسفر عن مقتل نحو 2251 فلسطيني بينهم 551 طفلا وإصابة 11 ألفا آخرين بحسب الأمم المتحدة.