شهدت الضفة الغربية في الأسابيع الأخيرة اعتقال الجيش الإسرائيلي عددا من كوادر حماس، سبق اعتقالهم لدى السلطة الفلسطينية، ما أثار تساؤلات مريبة بشأن تنسيقهما الأمني، فبات مألوفا أنه في اليوم الذي تفرج فيه أجهزة السلطة عن محتجزين، تعتقلهم (إسرائيل) في اليوم التالي، ضمن سياسة "الباب الدوار"، المتفق عليه بينهما.
باتت هذه الوقائع الأمنية الأخيرة بالضفة الغربية تدلل على أن حجم وعمق التنسيق الأمني بين أجهزة السلطة الفلسطينية و(إسرائيل) تجاوز الالتزامات الأمنية والتعهدات السياسية بين الجانبين، ليصل في نهاية المطاف إلى اصطفاف حقيقي من السلطة مع الاحتلال ضد المقاومة، من خلال تبادل المعلومات بينهما، واعتقال المقاومين عبر سياسة الباب الدوار، ويزيد من قسوة البيئة القاسية التي تعمل فيها المقاومة بالضفة الغربية.
وأعلن كبار المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين جملة تصريحات وتقديرات موقف أظهرت أن منظومة العلاقات القائمة بين (إسرائيل) والسلطة تعتمد على استمرار التنسيق الأمني المجدي بينهما، حتى أن هذا التنسيق يستند بدرجة كبيرة إلى الرئيس الفلسطيني شخصيا، وهذا استنتاج يدركه كثير من كبار الضباط الإسرائيليين.
على الصعيد الميداني دأب الجيش الإسرائيلي في الأسابيع والأشهر الأخيرة على اعتقال عدد من كوادر حماس في الضفة الغربية سبق اعتقالهم لدى السلطة الفلسطينية، حيث يتسلل أفراد أجهزتها الأمنية إلى مناطق الضفة الغربية متنكرين على هيئة وحدات خاصة إسرائيلية، في محاولة لاختطاف عناصر حماس الذين تلاحقهم قوات الاحتلال، بجانب اختطاف أسرى محررين، واقتيادهم إلى جهات غير معلومة، رغم أنه لم يمضِ على خروجهم من سجون الاحتلال أيام عدة، بعد أن قضوا سنوات في الأسر، ومنهم مرضى.
مشكلة سياسة الباب الدوار أن السلطة و(إسرائيل) تعتقلان الفلسطينيين على ملفات واحدة، ما يعني أن هناك تنسيقا أمنيا بينهما يندرج تحته هذا النوع من تبادل الأدوار في اعتقالهم، فالاحتلال لم يعد يكتفي باعتقال السلطة للنشطاء، وأحيانا لا يثق بأنها قدمت المعلومات اللازمة، فتعتقل الفلسطيني مرة أخرى من أجل التحقيق.
ظاهرة الباب الدوار تعني أن الحرب الأمنية المحمومة التي تشنها (إسرائيل) والسلطة لم تعد مقتصرة على تقاسم جسد المقاومة، وكوادرها، بل تعدته إلى تناوب واضح ومكشوف في اعتقالهم، فالقوائم مليئة بأسماء معتقلي حماس الذين تناوبت عليهم اختطافات الاحتلال والأمن الفلسطيني، فالاعتقالات التي نفذتها قوات الاحتلال، وطالت عددا من المواطنين بعد الإفراج عنهم من سجون السلطة تؤكد أن التنسيق الأمني لا يزال متواصلا.
أخيراً.. إن كل المزاعم التي يعلنها الرئيس الفلسطيني عن وقف التنسيق الأمني مجرد كلام للاستهلاك الإعلامي، ما يؤكد أن العلاقات الأمنية الإسرائيلية مع السلطة الفلسطينية لم تكن أفضل من هذه المرحلة، لأنها تبذل الجهود الحثيثة لمنع وقوع عمليات مسلحة ضد (إسرائيل).