المنتخب السعودي لكرة القدم في رام الله والقدس. المنتخب دخل الضفة الغربية بموافقة إسرائيلية مسبقة. هذا الدخول أثار سؤالًا تقليديًّا: هل هذا تطبيع سعودي مع (إسرائيل)، أم هو دعم حقيقي للسلطة الفلسطينية، وقد سلك الفريق طريق الضرورات تبيح المحظورات؟!
الفلسطينيون منقسمون حول الإجابة، والشعب السعودي منقسم أيضا، والميراث السعودي التاريخي يضاد الحاضر؟! في الماضي رفضت المملكة ذلك، وعدته تطبيعًا، وإضرارًا بقضية العرب القومية، واليوم تعتبره عملًا رياضيًّا داعمًا للحقوق الفلسطينية، ولا يحمل تطبيعًا؟! لذا سأل المراقبون عن أين الصواب؟! أهو فيما مضى من سياسة ملوك المملكة، أم هو في سياسة محمد بن سلمان؟!
السلطة رحبت بزيارة فريق كرة القدم السعودي، والفصائل استنكرت ورأت فيه تطبيعًا، لا سيما إذا غامر الفريق ودخل إلى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة للفسحة والفرجة، أو التقى برياضيين إسرائيليين. والفصائل ومعها قطاع أكبر من الشعب الفلسطيني قالوا ليس في هذه الزيارة ضرورة، ولا يخضع هذا العمل لقانون الضرورات تبيح المحظورات. فبمكنة السعودية وفلسطين الاستغناء عن هذه اللعبة، أو إجراؤها على ملعب أردني.
لا توجد فائدة راجحة للمملكة في هذه الزيارة الكروية، بسبب تحكم الاحتلال في إجراءات السفر، وكذلك لا توجد مصالح راجحة للسلطة والفلسطينيين، للسبب نفسه. القدس تريد من يحررها، لا من يلعب كرة قدم على أرضها، وإذا كانت المملكة وفلسطين، وبقية العرب، لا يستطيعون تحرير القدس الآن، فليس أقل من الإنكار على المحتل بمقاطعة إجراءاتها، لأن التراجع في المقاطعة يعطي الاحتلال طمأنينة بأنه على حق، وأن العرب باتوا على قناعة بالتعامل مع الأمر الواقع، لا سيما أن الزيارة هذه تأتي بعد نقل ترامب للسفارة الأميركية للقدس، وهي خطوة اعتبرتها السلطة والعالم العربي كله خطوة تكرس الاحتلال، وتمنحه تأييدا لضمه القدس؟!
قدوم المنتخب السعودي لا يقدم كثيرا في المعادلة السياسية القائمة، ولكنه مؤشر قوي على تغير الموقف السعودي من العلاقة مع (إسرائيل)، وإن عدم قدومه للعب على أرض الضفة الغربية، لن يحرر القدس، ولن يقرب أجل التحرير، ولكن الأجدر بالمملكة التمسك بسياسة الملوك السابقين، ولو كردٍّ على مزاعم نتنياهو التي ادعى فيها أنه يقيم تحالفات جيدة ومحترمة مع دول الخليج؟!
وكرد على نقل أميركا سفارتها إلى القدس؟!