فلسطين أون لاين

أشكنازي إذ يعترف بالحقيقة الإسرائيلية المرة تجاه حماس

تقدير موقف

اعترف الجنرال غابي أشكنازي الرئيس الأسبق لهيئة أركان الجيش الإسرائيلي، وهو من خاض العدوان على غزة 2008-2009، قبل أيام أن "المستويين السياسي والعسكري ناقشا خططًا للقضاء على حماس، وحين استعرضنا الثمن والتبعات، وما سيحدث في اليوم التالي للحرب، رأينا أن الحماسة تتراجع، وتعريف الهدف من الحرب تقلص، حتى انحصر في تغيير الواقع الأمني بتوجيه ضربة شديدة لحماس".

قد لا يكون الفلسطينيون بحاجة لهذا الاعتراف الجديد ضمن قائمة الاعترافات لكبار جنرالات المؤسسة العسكرية حول صعوبة تنفيذ دعوات الساسة بالقضاء على حماس في غزة، لما يتطلبه ذلك في البداية من إعادة احتلالها.

يزداد الحديث عن غزة أهمية في مرحلة ما بعد الانتخابات، لأن أشكنازي يرافق الجنرال بيني غانتس الذي قاد عدوان غزة في 2012 و2014، وبينهما الجنرال موشيه يعلون صاحب القبضة الحديدية تجاه الفلسطينيين الذي قاد عملية السور الواقي في الضفة الغربية عام 2002، مما يبرز أمام القيادة الإسرائيلية عدة بدائل تجاه غزة، لأنها باتت تشكّل معضلةً ليس لها حلًا، ويدفع للحديث عن جملة خيارات، واستعراض سلبياتها وإيجابياتها، ومكاسب إسرائيل وخسائرها منها.

يعلم الجنرالات الفائزون في الانتخابات الإسرائيلية، أنّ إعادة احتلال القطاع ليس أمرًا هينًا، بل عملية دامية ومعركة ضارية ستخلف آلاف القتلى والجرحى من الجانبين، وليس هناك "بوليصة تأمين" تضمن لإسرائيل أن تحقق أهدافها من هذا الخيار الأكثر صعوبة والأغلى كلفة.

ومع ذلك، فإنّ هذا الخيار الاستشرافي الإسرائيلي تجاه غزة ليس نسخةً واحدة غير قابلة للتفكيك، بل يشمل بدائل جانبية وسيناريوهات فرعية، منها الاحتلال الكامل، ويعني أن تزجّ إسرائيل بكامل جيشها وعتادها العسكري في غزة، لإعادة فرض السيطرة العسكرية الميدانية عليها، ويعتقد أصحاب هذه الدعوات "الاستئصالية" أنّ الحملات العسكرية "الموسمية" كلّ عدة أشهر وأعوام، لن تحلّ مشكلة غزة، بل تزيدها تعقيدًا ومراكمة، وتستفيد حماس منها بتطوير قدراتها العسكرية.

يرى الإسرائيليون المنظرون لهذا الخيار، الذي سيكلّفهم أثمانًا بشرية واقتصادية وعسكرية باهظة وثمينة، أنه يكافئ المكاسب التي سيجنونها من ذلك، كالقضاء المبرم على حماس، وإرسال رسالة ردع للقوى المعادية لإسرائيل في المنطقة.

لكنّ هذا الخيار الخطير يحمل مخاطر جمة، حيث يصاب الإسرائيليون بالفزع الشديد من أيّ حديث عن قتلى في جنودهم، فالتقديرات المفزعة لأعدادهم تتوقع سقوط المئات في أحياء غزة وشوارعها، في ظلّ ما تحوزه حماس من مقدرات تسلحية فتاكة.

ويدرك أصحاب هذه الدعوات أنّ إعادة احتلال غزة يعني تحمل مسؤولية الأعباء المعيشية والاقتصادية عن مليوني فلسطيني، كما لا تضمن إسرائيل إن أتمت مهمتها العسكرية بالقضاء على حماس أن تأتي السلطة الفلسطينية لاستلام القطاع، لعدم رغبتها بالظهور تأتي على ظهر دبابة إسرائيلية، مما يعني تورطًا إسرائيليا في القطاع، وعودة بعقارب الساعة للوراء سنوات طويلة.