(نبع السلام) اسم العملية العسكرية التركية في غرب الفرات في سوريا. العملية تستهدف فيما هو معلن تركيًّا إقامة منطقة عازلة بعمق 30 كيلومترا، وإعادة مليون من اللاجئين السوريين إلى بلادهم. العملية تجري ضد قوات الشعب الكردية من خلال تفاهم تركي مع ترامب، ومع بوتين أيضا. هذا التفاهم هو ما شجع الأتراك على القيام بهذه العملية وبهذه السرعة. الأتراك يتحركون داخل هذه المنطقة بشكل مريح نسبيا، والخسائر البشرية ما زالت محدودة.
عملية نبع السلام بتفاهماتها وخلفياتها، ومواقف الدول منها، مليئة بالدروس التي يمكن أن يستفاد منها عربيا. لو بحث القادة العرب عن الدروس والفوائد التي في العملية، ولم ينطلق معظمهم من العداوة الشخصية والتقليدية لتركيا، لوجدوا فيها ما يفيدهم في تعديل سياساتهم الخارجية، وتنقية تحالفاتهم الدولية والإقليمية؟! ولكن أنى لهم ذلك وهم ينظرون من زاوية العداء لشخص أردوغان؟!. ولكن تبقى الحكمة ضالة المؤمن، وإن انحرف الحكام عن الحكمة، والتمسوا غيرها!
من المعلوم أن مصر استنكرت العملية التركية وعدتها اعتداء على سيادة الدولة السورية، انتقت الدولة السورية وتركت الأكراد؟! ودعت لاجتماع طارئ لجامعة الدول العربية. واستنكرت الرياض ودبي الهجوم التركي على سوريا، ولم تذكر الأكراد؟! وشجبت (إسرائيل) العملية التركية وعدتها عدوانا لا على سوريا، ولكن على الأكراد ؟! وحذرت دول الاتحاد الأوروبي من نتائج الهجوم التركي لا على سوريا، ولكن على الأقلية الكردية ؟!
هذه بعض المواقف المعلنة الصادرة عن دول هي في نظر كثيرين لا تقدم ولا تؤخر؛ لأن الكبار قرروا، وعلى من دونهم أن يستوعبوا القرار إن كانوا يعقلون؟! . أمريكا في درس الماضي سلّحت الأكراد، ودعمتهم بالمال ضد داعش، وضد الجيش السوري الحر،. انتهى درس الماضي وجاء درس الحاضر فتخلّت عنهم، لأنها ترى أن مصالحها معهم قد انتهت! إن أمريكا التي تخلت عن الأكراد بهذه السهولة لا يوجد ما يمنع من أن تتخلى عن دول الخليج، وأن تقترب من إيران مثلا، وقديما قالوا: الغاية تبرر الوسيلة.
تركيا ردت على الرياض والإمارات بتبكيتهما بحرب اليمن، وردت على مصر بتبكيتها فيما يجري في مصر ؟! وكأنه لا قيمة لهذه المواقف عند تركيا. وتحاول بعض الفصائل الفلسطينية أن تدخل على خط الأزمة ببيان يتيم، هي في غنى عنه. والصمت والحياد أولى.
نحن لا نوافق على الحرب ، ولكن هل نحن في منزلة من يقف معلقا على كل حدث ومعركة بين الكبار؟!. هل مطلوب منا أن نتحمل أكثر مما نطيق؟! . إنه إذا كانت تركيا مخطئة في حربها، فإن الأكراد مخطئون لأنهم يحاربون غيرهم بالوكالة عن (تل أبيب). حاربوا صدام والعراق نيابة عن (إسرائيل) ، وربما بعضهم يحارب تركيا نيابة عنها أيضا. المسألة كبيرة، والعقل فيها ينجي أكثر من العاطفة، أليست (إسرائيل) هي التي ساعدت تركيا في إلقاء القبض على أوجلان الزعيم التركي السجين الآن في تركيا؟! أين الصواب؟ وأين الخطأ؟!. ويبقى السؤال المهم: هل تحقق نبع السلام، أم أن البداية معروفة والنهاية مجهولة؟!