فلسطين أون لاين

للرجل.. إذا كبتَّ مشاعرك جهز أدويتك!

...
الرجل لديه ضبط ذاتي في التعبير عن المشاعر
غزة/ أسماء صرصور:

محمد عبد الكريم، شابٌ ثلاثيني لا يجد حرجا أبدًا في إظهار مشاعره، وإخبار المقربين عنها، بل ويتحدث عنها دونما أي إحراج، وآخر عهده بمشاعره، يوم رزق بمولوده البكر و"ولي العهد" علاء.

فكلما هنأه شخص أخبره بعظيم ما يكنه لزوجته من مشاعر وود واحترام، لصبرها على معاناة الحمل طيلة تسعة أشهر، ولم يخفِ عن أصدقائه أنه بكى كثيرًا وهو يساند زوجته في لحظات المخاض الأخيرة.

وإذا كان هناك اعتقاد عند البعض بأن بكاء الرجل أو إشهاره بذلك قد يدخل "في نطاق العيب"، فإن عبد الكريم يبدي فخره بمشاعره.

وعن إظهار الرجل مشاعره، يقول أستاذ الإرشاد النفسي والتربوي بجامعة الأقصى د. عبدالله الخطيب: "كل إنسان يتكون من مشاعر وأحاسيس وأنماط شخصية، وهذه الأنماط هي التي يتصرف الإنسان بناءً عليها"، مشيرًا إلى أن الرجل لديه سمات شخصية تختلف عن المرأة، فطبيعة هذه السمات لها درجة من الحساسية الخاصة في التعامل مع الآخرين.

لذلك عندما يتحدث كثير من الرجال أمام الآخرين –كما يقول الخطيب لصحيفة "فلسطين"- نجدهم يتحفظون على نحو أكبر ويحرصون في كل ما يقولون خوفًا من الوقوع في الخطأ.

ويرجع الخطيب ذلك إلى أن الرجل يحرص على عدم التسرع في إظهار ما يختلج صدره.

ويلفت إلى أن الرجل لديه ضبط ذاتي في التعبير عن المشاعر، وعندما يحاول إظهارها يقوم بذلك في الدائرة الضيقة، والتي قد تكون الزوجة أو أحد الأبناء، أو الأصدقاء المقربون، ممن يثق فيهم وبإبراز مشاعره لهم.

ويبين أن طبيعة شخصية الرجل التي يغلب عليها قلة الحديث في يوميات حياته بمشاكلها بانفعالها وبأحداثها، قد تمنعه من الحديث وإظهار المشاعر، موضحًا أنه عندما يكون هناك نقاش بين المرأة وزوجها في موضوع خاص بالأسرة فإن الأخير يميل إلى عدم الحديث كثيرًا.

لكنه يشير إلى أن قلة الحديث أو إبراز المشاعر قد يعود لخلل في المهارات الاجتماعية عند بعض الرجال، فهناك من يمتلكون مؤهلات جامعية ومواقع مرموقة في المجتمع، ولكن هذه الخبرات لا تؤهلهم للحديث دقيقة واحدة أمام الآخرين، في مجال تخصصه، فكيف له أن يتحدث عن مشاعره الخاصة لهم، لاسيما إن كانت تعبر عن مشاعر خاصة من الغضب أو الفقدان أو ما شابه.

ومما قد يمنع الرجال من الحديث –وفق الخطيب- الخبرات السابقة غير الإيجابية، فمثلًا قد يكون تحدث عن مشاعره أمام الآخرين، فعيّروه بها أمام دوائر أوسع.

ويلفت إلى جانب آخر، يتمثل بالمفهوم غير الدقيق للرجولة، إذ يعتقد البعض أنها تعني أن يكون الرجل كالصخر.

التعبير قوة وصحة

ويقول أستاذ الإرشاد النفسي والتربوي: "من الواقع العملي نجد فجوة واضحة لدى الرجال في التواصل مع الآخرين والتي تنبع من الأسباب المذكورة سابقًا، وهي أسباب نجدها كقناعات راسخة عند الرجال، وهذه القناعات لابد من تغييرها والتدرب على فهمها أكثر".

لكنه يضيف: إن الرجل يمتلك مجموعة من المشاعر، ومجموعة من الأحاسيس، والانفعالات والمهارات التي تؤهله ليكون إنسانًا قادرًا على الانفتاح على الزوجة والأبناء والوسط المحيط الموثوق.

ويشير إلى الرجل إن لم يخرج هذه المشاعر في الوقت والمكان المناسبين، فمن المتوقع إصابته بحالة من الاضطرابات النفسية ونفسية-جسمية مثل الضغط والسكر وآلام الصداع والمعدة وضيق في التنفس.

وينسب الخطيب إلى دراسات أن 70% من الرجال الذي يتحدثون عن مشاكلهم ويومياتهم يعيشون حياة أفضل، خاصة بالمحيط الاجتماعي الذي يعيشون فيه، وهؤلاء لم يتعرضوا لاضطرابات نفسية-جسمية.

ويدعو الخطيب كل رجل للتعبير عن مشاعره والحديث عن مشكلاته؛ لأن من شأن ذلك أن ينعكس إيجابا على صحته النفسية والجسمية.

وينبه إلى أن الصحة النفسية هي انعكاس للصحة الجسدية، فعندما يكون سليمًا جسديًا تكون المشاعر سليمة، ويمكن أن تكون منطلقًا للتفاؤل والعيش بسعادة وسلام.

"أنت من تسعد نفسك، وأنت من تحزنها"، يستند الخطيب إلى هذه المقولة، لتبيان أن سعادة النفس تأتي من خلال الحديث مع الآخرين والتواصل الإيجابي معهم.

ويشدد على أن التعبير عن المشاعر يعطي الرجل قوة اجتماعية، ويجعله ناجحًا في حياته مع الوسط المحيط، خاصة إن استطاع التعبير عن حبه لمن حوله.

أخيرًا، يجيب أستاذ الإرشاد النفسي والتربوي عن سؤال قد يراود أي رجل: "كيف لي أن أعبر عن مشاعري؟"، بقوله: المشاعر حالة متغيرة، وتتميز أنها سريعة التكوين وسريعة الذوبان، فعلى الرجل استثمار الحالة المزاجية الإيجابية ليعبر عن حبه وتقديره لمن حوله، فالتعبير عنها يعطي الحياة الأسرية نوعًا من الاستقرار والتفاؤل والمحبة.

ويكمل نصيحته للرجل: "يتعين التواصل مع دائرة الأصدقاء المقربين والخروج معهم، لا العيش في دائرة ضيقة؛ لأن التواصل معهم فيه نوع من العافية الجسمية والنفسية التي تجعل الرجل مقبلًا على حياته، ويتحدى الضغوط التي يتعرض لها".