من منطلق أن قضية الأشخاص ذوي الإعاقة يجب أن تُنظر من منظور حقوقي لا منظورإنساني فقط (شفقة، أو عطف، أو رحمة)؛إن حق الأشخاص ذوي الإعاقة في تلقي العلم والتعليم هو حق منصوص عليه في التشريعات المحلية كافة، وكفلته جميع المواثيق والمعاهدات الدولية.
واستنادًا إلى ذلك الجامعات والمعاهد الفلسطينية هي المحور الرئيس في تطبيق هذه النصوص، وسنلقي الضوء في هذه المقالة على جزء من آلية العمل المتبعة في الجامعات الفلسطينية تجاه الأشخاص ذوي الإعاقة.
إجراءات مُتبعة
تؤدي الجامعات الفلسطينية دورًا بارزًا في تبني قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة التعليمية في قطاع غزة، إذ إنها تسعى إلى إعادة تأهيل مبانيها وقاعاتها لاستقبال الطلبة ذوي الإعاقات المختلفة، وتعمل على تسهيل وصولهم إلى مقاعد الدراسة دون عوائق، وتحرص على تحقيق مبدأ دمج هؤلاء الطلبة، ومنحهم فرصًا متكافئة مع غيرهم داخل أسوار الجامعات.
إن عدم جهوزية الجامعات لاستيعاب ودمج الطلاب ذوي الإعاقة، ضمن بعض البرامج التعليمية التي تقدم للطلبة عامة؛ يعيق تطبيق مفهوم ما نص علية قانون حقوق المعوقين رقم 4 لعام 1999م، والاتفاقية الدولية للأشخاص ذوي الإعاقة، من هذا المنطلق إن أهمية كبيرة ملقاة على الجامعات من أجل إحداث تنمية مستدامة، بتحملها مسؤوليتها الكاملة تجاه طلابها من ذوي الإعاقة.
إن دمج الطلبة ذوي الإعاقة في المجتمع -خصوصًا في مجال التعليم الجامعي- يخفف من نظرة غير إيجابية محتملة إلى الأشخاص ذوي الإعاقة عامة، فثقافة التعليم الدامج في الجامعات المحلية كافة من حيث التهيئة البيئية المتمثلة في: الممرات، والمقاعد، والوسائل المساعدة، أو استخدام أحدث الوسائل التكنولوجية في العملية التعليمية لدى الجامعات؛ من أفضل السبل لتسهيل وصول الطلاب ذوي الإعاقة إلى الجامعات الفلسطينية دون عوائق، ما يحفظ كرامة الإنسان وحقه في حياة تعليمية كريمة.
تقييم الطلاب ذوي الإعاقة
هناك قاعدة ثابتة لتقييم حالة الأشخاص ذوي الإعاقة، هو ما يعرف بالقومسيون الطبي الذي تقوم به جهة صحية مهنية واحدة، فتقيم الشخص ومدى حالة العجز التي لازمه ومدتها، وتصنفه أعاجز جسديًّا هو ليصبح من ذوي الإعاقة، وهو الأمر الذي تحتاج إليه الجامعة لكي تصنف الطلاب المسجلين لديها، لكن بعض الجامعات تطرح ما يسمى عيادة الجامعة التي تقيم الطلبة ذوي الإعاقة من ناحية طبية وتعطي التقرير الطبي، وبناء عليه يمنح نسبة الإعفاء من الرسوم التعليمية، في حين أن هناك جامعات تعطي الطلبة نسبًا غير متكافئة؛ فيظل غياب التقييم الشامل للطالب وعدم وجود جهة مهنية تقيمهم خطأ أو خللًا مهنيًّا كبيرًا في تشخيص الطلبة ذوي الإعاقة، وبذلك يؤثر سلبًا على مدى استفادتهم من المنح الجامعية لذوي الإعاقة.
تباين المنح
وفي السياق ذاته يمكن عد مجمل التسهيلات المالية (الرسوم الجامعية) التي تقدمها الجامعات أقل من حاجة الطلبة وحجم الإعاقة في مجتمعهم المحلي، فبعض الجامعات تحدد 50% إذا كانت نسبة العجز تصل فوق ٨٠%، وهناك جامعات تمنح الطلبة من ذوي الإعاقات بصريًّا وحركيًّا إعفاءات فصلية تراوح من 50 إلى 70 % إذا لم يقل معدله التراكمي عن 65%، وهناك جامعات لا يوجد فيها نظام خاص بالطلبة ذوي الإعاقة، لكنه يتعامل مع كل حالة بحسب ظروف الإعاقة.
رؤية وتوصيات
ومن هنا أرى أن الأنظمة التي تعمل بها إدارات الجامعات تحتاج إلى تحسين والنظر في مضمونها، فثمة عدم وضوح في الرؤية الحقيقية لمفهوم الإعاقة والتأهيل لدى بعض الإدارات الجامعية التي لا تمنح حقوقهم واحتياجاتهم أولوية قصوى في إستراتيجية عملها، إضافة إلى أن بعض الجامعات غير موائمة بيئيًّا لذوي الإعاقة.
وإن جزءًا من الخلل في عمل هذه الإدارات فيما يتعلق بواقع الطلبة ذوي الإعاقة يرجع لعدم تطبيق نصوص قانون حقوق المعوقين رقم 4 الصادر عام 1999م، الذي ينص في مادته العاشرة على "ضمان حق المعاق في الحصول على فرص متكافئة بالمرافق التربوية وتوفير التشخيص التربوي اللازم والمناهج الملائمة وتوفير فرص العلم بأنواعه ومستوياته لذوي الإعاقة.
وبناء على ما تقدم نؤكد ضرورة تذليل العقبات أمام الطلبة ذوي الإعاقة في الجامعات ليكونوا متساوين مع غيرهم من الطلبة، وليكملوا دروبهم العلمية التي طالما طمحوا إليها هم وذووهم، وتوفير فرص متكافئة للتفاعل في الحياة الأكاديمية لجميع الطلبة، ومنهم ذوو الإعاقة، وتوفير الخدمات المساندة لهم.
وعلى الجامعات تقديم الدعم الاجتماعي والنفسي والأكاديمي، وتعزيز مهارات الثقة بالنفس والقدرة على تحمل المسؤولية، وتبني النموذج الحقوقي في سياساتها وبرامجها وممارساتها، لإيجاد بيئة تفاعلية إيجابية لجميع الطلبة، ومنهم الطلبة ذوو الإعاقة، والنظر إلى قضية الطلبة ذوي الإعاقة في أثناء معالجة القضايا المرتبطة بهم على أنها لا تقل أهمية عن أي قضية تنموية حقوقية.